لا خلاف على الحوار

باستثناء الاجتماع الدولي المرتقب انعقاده الاسبوع المقبل في الامم المتحدة حول لبنان والذي سيحضره رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، يبدو الوضع اسيرا لستاتيكو طويل لفترة غير محدودة لن تغيره المبادرات الداخلية او محاولة تسويقها. فمواقف الافرقاء معروفة والحركة السياسية هذه حدودها انطلاقا من واقع ان لا معطيات جديدة في هذه المبادرات لان موضوع الحوار او الدعوة اليه لا خلاف عليها ولا خلاف على من يدعو اليها. لكن هذا لم يمنع وجود نقاط ايجابية في مبادرة الرئيس نبيه بري وفق تقويم تيار المستقبل باعتباره احد ابرز المعنيين الرئيسيين والاساسيين بالتجاوب مع هذه المبادرة ولم يبد اي رد فعل سلبي للبحث في هذه النقاط اي تلك المتصلة بموضوع التداخل السوري وموضوع سلاح ” حزب الله” في اطار ما سمي الاستراتيجية الدفاعية بل على العكس من ذلك. فان يتحدث رئيس مجلس النواب عن ان التدخل في سوريا سيء ككل هو موقف متقدم وتمايز مهم عن منطق ” حزب الله” الذي برر ذهابه الى سوريا بالدفاع عن نفسه وحماية المقاومة، وكذلك الامر بالنسبة الى سلاح الحزب خارج المنطقة الحدودية الجنوبية ويستحق التجاوب مع الدعوة الى الحوار في حال دعا الرئيس سليمان الى اعتبار هاتين النقطتين لب او جوهر المشكلة التي يجب البحث فيها. في حين ان النقاط التي اشار اليها بري للمناقشة على طاولة الحوار اكان موضوع الحكومة او قانون الانتخاب او الاقتصاد فافرقاء كثر يرون فيها افتئاتا على صلاحيات السلطة التنفيذية ولا يظهرون استعدادا للتجاوب علما ان ثمة تساؤلات اساسية تطرح حول مدى تجاوب ” حزب الله” مع مبادرة بري وما اذا كانت النقاط التي اوردها تعبر عنه ام لا او هو حصل على موافقة الحزب المسبقة عليه. وسياسيون كثر يقدرون او يستنتجون ان مبادرة بري ليست مدعومة على الارجح من الحزب خصوصا ان لا مؤشرات تظهر تراجع الحزب عن المزيد من التدخل في سوريا على الاقل.

 

في ظل هذه المراوحة التي تجد ذرائع خارجية لها باستحقاقات منتظرة اقليمية او دولية، لا تبدو الحكومة الجديدة خيارا محتملا في المدى المنظور كما لا يبدو نجاحها في حال تألفت امرا محتملا ولا من حيث الاتفاق على البيان الوزاري العتيد او الجلوس الى طاولة مجلس الوزراء. ما تتطلع اليه مصادر سياسية في هذه المرحلة يكمن في اختراق معنوي يمكن ان يحققه الرئيس سليمان في الاجتماع الدولي في نيويورك الاسبوع المقبل يخرج لبنان من دائرة الانتظار القاتلة جزئيا ولبعض الوقت. فمع ان هذا الاجتماع يندرج تحت عناوين ثلاثة معلنة تتصل بمساعدة لبنان في موضوع اللاجئين السوريين وفي سبل تقديم العون للجيش اللبناني ودعم الاقتصاد التنموي نتيجة ما يواجهه لبنان من تحديات، فانه يكمن اولا في رمزيته لجهة استمرار وجود حرص دولي على لبنان وعلى عدم تركه يواجه مصيره من دون اي التفاتة تذكر ولو ان لبنان ليس اولوية على اي اجندة دولية بحيث يساعده المد المعنوي والمادي جزئيا في عبور بعض الاشهر الصعبة والخطرة المقبلة. ثانيا يبدو ان هناك تطلعات سياسية حقيقية على ضوء ابراز رئيس الجمهورية الاسبوع الماضي موضوع الحقائق في شأن اعلان بعبدا ومحوره المتعلق بضرورة تحييد لبنان وتوجهه الى نيويورك وفي يده ورقة تكتسب اهمية كبيرة. اذ ان غالبية الدول او معظمها تعلن دعمها لسياسة النأي بالنفس التي قالت بها الحكومة المستقيلة كما تعلن دعمها تحييد لبنان نفسه عن الازمة السورية. ومن المرتقب ان يشكل الاجتماع الدولي في نيويورك فرصة لرئيس الجمهورية لابراز اهمية ترجمة المجتمع الدولي هذا الدعم عمليا. فمن جهة بات ينظر الى الرئيس سليمان ويتم التعاطي معه على انه السلطة السياسية الوحيدة الموجودة التي تمثل لبنان وتحمي دستوره ويتم التعاطي معه على هذا الاساس برغبة قوية في دعمه. ومن جهة اخرى لا يملك لبنان وحده ان يحيد نفسه او ليس ذلك كافيا باعتبار ان هذا التحييد يرتبط ايضا برغبة وارادة دول اساسية يفترض ان تساهم في ذلك كايران وروسيا والصين التي تشكل الداعم الاساسي للنظام السوري بحيث قد يكون مفيدا ان يضع الرئيس سليمان مسؤولي هذه الدول كروسيا والصين اللتين ستحضران الاجتماع من اجل لبنان على الارجح كونهما من الدول الخمس الدائمة العضوية اوحتى بواسطة افرقاء ثالثين لان تحييد لبنان هو مسؤولية دولية كما هو مسؤولية داخلية يتعين على الأفرقاء السياسيين توليها. فاعلان بعبدا هو وثيقة لبنانية داخلية لكن مضمونه اي تحييد لبنان هو مسؤولية مشتركة بين الداخل والحارج على حد سواء.

وتعتقد مصادر سياسية ان الاجتماع الدولي قد يكون فرصة ايضا من اجل مطالبة لبنان الدول الكبرى بالتنفيذ الكامل للقرار 1701 باعتباره خريطة استراتيجية دولية من اجل حماية لبنان وهذا يدخل في باب تقديم المساعدات للجيش اللبناني احد البنود المطروحة على جدول اعمال الاجتماع. فحتى الان لم يطلب لبنان تنفيذ هذا القرار والسبب في ذلك ان هذا القرار يطالب ببسط سلطة الدولة وحل الميليشيات المسلحة، لكن المخاطر التي واجهها في العامين الاخيرين تحتمان تسليط الضوء على ضرورة تنفيذ هذا القرار. وهذا على الاقل ما تعتقد مصادر سياسية انه يمكن ان يساعد لبنان في هذه المرحلة.

السابق
لماذا يُنتقد أوباما حول سوريا؟
التالي
السلطة السورية عاريةً