عقار خطير يثير التساؤلات

عقار ايراني

قبل قرابة نصف قرن، سحب عقار الـ «ثاليدومايد» Thalidomide وحظر استخدامه دولياً، بعدما تأكدت علمياً خطورته على النساء الحوامل وأجنتهن، بل أنه تسبب في ولادة مجموعة كبيرة من المصابين (عرفوا باسم «جيل الثاليدومايد» Thalidomide Generation) بتشوهات في الأطراف والحبل الشوكي والأوعية الدموية، إضافة الى حالات من الإجهاض المتأخر أيضاً.

وعلى مدار العقود الماضية، أجبر القضاء في دول عدة الشركة الألمانية التي صنعت الـ «ثاليدومايد» على دفع عشرات الملايين من الدولارات، في قضايا تعويضات لأسر «جيل الثاليدومايد». وما زال قسم من هذه القضايا في أروقة القضاء لحد الآن. وفي 2012، أجبرت الشركة عبر مديرها العام هارالد شتوك على تقديم اعتذار رسمي للضحايا وذويهم. وقوبل الاعتذار بانتقادات شديدة من قبل الضحايا وأسرهم في أستراليا والسويد وبريطانيا. ولم يتردد هؤلاء في وصف الاعتذار بأنه «أقل من اللازم وجاء متأخراً للغاية»، متهمين شتوك بـ «النفاق».

على رغم هذه الوقائع، ما زال عقار الـ «ثاليدومايد» مستخدماً في عدد من الدول في شكل مقنن جداً، سعياً للاستفادة من بعض خصائصه. فمثلاً، يستعمل الـ «ثاليدومايد» مع دواء الـ «ديكساميثازون» (وهو نوع من الكورتيزون)، في علاج أحد أنواع سرطان الدم اسمه «مالتبل ميالوما» Multiple Myeloma في حالات فشل علاجها بالأدوية التقليدية.

وقد تأكد أن إيران هي إحدى الدول الموزعة للـ «ثاليدومايد». إذ أشارت تقارير إعلامية إلى تلقي النظام السوري مساعدات على هيئة مستلزمات طبية قيمتها 200 مليون دولار، وصفت بأنها معونات من إيران. وتضمنت هذه المستلزمات الطبية عقار «ثاليدومايد»، الذي يعتقد بأنه سبب للأسر السورية مئات الحالات المرضية، بما فيها تشوهات خلقية مثبتة طبياً.

وفي العراق يوجد العقار حالياً في صيدليات المستشفيات الحكومية في علب تحمل إسم «تاليدوميد»، بعد أن قدمته إيران ضمن بند «إغاثة طبية». وتحتوي العلبة على 100 قرص. وحصل كاتب المقال على العلبة التي تظهر عليها كتابة بالفارسية، أرسلت من قبل اختصاصي بارز وأستاذ في كلية الطب في جامعة بغداد، يتعذر نشر اسمه تجنباً لإحراجه. وهناك دعوة لذوي المهن الطبية للمساهمة الفورية والجادة بمنع استخدام هذا العقار الخطير في العراق.

ومن منطلق أكاديمي ووطني، من الملح طرح سؤال على وزارة الصحة العراقية، خصوصاً المسؤولين عن الأدوية والمستلزمات الطبية فيها، عن الجهة التي سمحت بإجازة دخول هذا العقار الى العراق، خصوصاً لجهة طريقة الاستعمال. هل أنه مصرح بتناوله من دون تقنين صارم يجعله قصراً على فئات قليلة، مع تجنب إعطائه الحوامل دوماً، أم أنه يضبط ضمن هذه الحدود العلمية الصارمة؟ هل هناك توعية كافية بالتاريخ المأسوي لاستخدام هذا العقار؟ ألا يكفي ما سببه اليورانيوم المستنفد والفوسفور الأبيض من تشوهات خلقية وسرطانات للعراقيين؟

السابق
الدول الخمس الكبرى تبحث مسودة قرار للتخلص من الكيماوي السوري
التالي
بالفيديو.. لحظة إطلاق النار على مقهى “الورد” في القبة