الاختلاف نقمة

تعيش الشعوب العربية حالة انقسام دائمة ـ حتى في الأمر الذي كان يوحد بينها بدرجة ما ـ انقسمت فيه أيضا واختلفت، وأعني به القضية الفلسطينية أو ما كان يسمى كذلك.

وحالة الانقسام والانشطار تلك توجد في الشعب الواحد أيضا وليست بين شعب وشعب آخر.

في البدء لا بد من رؤية هذه الحالة من زاوية إيجابية واعتيادية حيث إن من طبيعة البشر الاختلاف وعدم الاتفاق على أمر واحد، فكل ينظر للقضية الواحدة من زاويته هو ومن منطلقه الفكري هو وأيضا بما يتفق ومصالحه.

حين غزا صدام حسين الكويت في الثاني من أغسطس 1990 لم تقف الشعوب العربية كلها ولا الحكومات العربية أيضا كلها ضد هذا الغزو رغم وضوح الجرم فيه وعدم معقوليته واستحالة استمراره لمخالفته للقانون الدولي الذي يحرم احتلال الأراضي والاعتداء على دولة دون مبررات تسوغ وتبرر لهذه الدولة مشروعية الدفاع عن حقوقها، لا الاعتداء على دولة لا تهدد أمنها ولا مصالحها مثلما حدث في الحالة العراقية ـ الكويتية المذكورة.

وحالة الانشطار والانقسام مستمرة في كل شأن من الشؤون وبالذات السياسية، فنجد مثلا أن العرب مختلفون في النظرة والتقييم لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 على نيويورك والتي نجم عنها قتل 3000 إنسان مدني بريء كانوا يزاولون أعمالهم في مكاتبهم ولم يكونوا في ساحة حرب أو ميدان قتال.

فرغم بشاعة هذه الجريمة وهولها وفظاعتها ولا سيما في الصورة التي تمت بها والسلاح المستخدم لتنفيذها وهو الطائرات المدنية بركابها الأبرياء، فإن ثمة عربا صفقوا لهذه الجريمة وهللوا وطربوا ورقصوا وعبروا عن فرحهم بوسائل شتى، وكأن ما حدث نصر كروي حققوه في كأس العالم، وليس جريمة بمثل تلك البشاعة قوامها 3000 نفس بشرية.

وفي حالات ما يسمى بثورات الربيع العربي نجد حالة الانقسام أيضا ماثلة ومتجددة، ونجد العرب بين مؤيد لهذه الثورات مؤمن بحق الشعوب في الحرية والعدالة ونيل الحقوق، وبين رافض لها مخطئ تلك الشعوب ومناصر لحكامها.

ومن غريب الأمور أن تجد رافضا للثورة هنا مؤيدا للثورة هناك.

وسوف تستمر حالة الانقسام العربية ولكن بصورة سلبية تخلو من أية إيجابية.

 

السابق
السادية ليست شاذة بل شائعة
التالي
مبادرة بري إلتفاف على إعلان بعبدا