الأب دالوليو ضيف لدى العراق والشام

خطف الاب باولو

علمت صحيفة “الجمهورية” أن “الأب اليسوعي الايطالي باولو دالوليو لم يختطف عمليا بل سعى بإلحاح ومن تلقاء نفسه، إلى التفاوض مع “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام” لإطلاق ناشطين، بالإضافة إلى إطلاق كهنة ورجال دين احتجزتهم المجموعة ذاتها، أي “دولة الشام والعراق الإسلامية”، وكشف بعض الناشطين للصحيفة أن “الأب كان يجري مفاوضات سرّية تتعلّق بمصير المطرانين المخطوفين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي أيضاً، ساعياً إلى فكّ أسرهما”.
وكشف أحد المطارنة القريبين من المطران ابراهيم أن “الاب باولو اختفى حين اقترب من معرفة حقيقة مصير المطرانين”، متسائلاً عن “اللغز الذي يكمن وراء اختفاء أي شخص، أو أي رجل دين يسعى إلى الحصول على معلومة جديدة عن المطرانين، أو الى الإفراج عنهما”.
وكشف أحد أبرز الناشطين المقربين من دالوليو لـ”الجمهورية” تفاصيل أيامه الأخيرة، فهو الذي رافقه من تركيا الى الرقة وبقي معه حتى اللحظة الأخيرة قبل دخوله الى الاجتماع الذي اختفى بعده، قائلا: “التقيت الاب باولو في تركيا، الأحد 21 تموز في فندق “شريهان” في منطقة غازي عينتاب، وكان يريد زيارة محافظة الرقة وعندما علم أنني من هناك وأنوي العودة إليها يوم الجمعة، طلب مرافقتي، ولكن لظروف العمل أرجأت عودتي الى الاثنين، عندها اعتذَرت منه وكتَبت له العنوان، وأرشدته كيف يصل الى المدينة لأنه أصرَّ على النزول يوم الجمعة، وكان يريد الإقامة عند صديق له اسمه محمد الحاج صالح، ولما وصل الى هناك، وتحديداً الى منزل صديقه، اتّصل بي، ثم التَقيته حين وَصلت الى الرقة، فقال لي حرفياً: “أنا جايي الى الرقة منشان موضوع التوافق، لأن أرض الشام كانت دائماً أرضاً للتوافق بين كل الأديان والتيارات، ولأن الشام تعلّم العالم معنى المسامحة والتعايش بمحبة؛ ومن أجل إيجاد حلّ للدولة، (ويقصد هنا دولة العراق والشام الإسلامية) ووضع حد للتطرف ولإقناع الجميع بأنّ الحلّ سياسي وحواري”، لافتا إلى أن “الاب باولو أحب أن يلتقي “أحرار الشام” و”الهيئة الشرعية” في الرقة، و”الدولة الإسلامية في العراق والشام”، وزار كذلك الصحافي يوسف الدعيس، ثم التقيته مساء في كافيتريا “النكاتيف” في الرقة، ويوم السبت زار الهيئة الشرعية في الرقة منفرداً، ثم زار المكتب السياسي لحركة “أحرار الشام”، ومساء كان ينوي زيارة “دولة الشام والعراق”، وقال لي: “إنك تؤخّر لقائي بهم”، فذهب بمفرده الى هناك عصر الأحد، وقابل الأمير “أبو عبدالله بحوث”، ثم أخذ موعداً آخر، عند الثامنة والنصف مساء”.
وأضاف: “تناول الأب طعام الإفطار عند المهندس خلف الغازي، ثم أوصلته الى مكان الموعد في مقرّ “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، فطلب مني العودة قائلاً: “أحب أن أكون وحدي في اللقاء”. وبعد ساعة، عاد الأب باولو من اللقاء وشارك في التظاهرة أمام كنيسة في حيّ “البياطرة”، وألقى كلمة وعاد الى بيت صالح، ويوم الاثنين ذهب للقاء “الدولة” مجدداً، بعلم كل من صالح والصحافي يوسف الدعيس، قرابة الثانية عشرة ظهرا، وهنا فُقد الأب باولو فعليا”.
وكشف الناشطون في الرقة لـ”الجمهورية” أنّ أسباب الزيارة كانت رسالة تعايش بين الأقليات والإثنيات والأعراق والتيارات بسوريا، بالإضافة إلى المعتقلين لدى “دولة العراق والشام الإسلامية”، والمعتقلان الصحافيان الفرنسيان نيكولاس اينان وبيار تورس المفقودان منذ 22 حزيران الماضي، كما نيّته زيارة دير الزور، وقد طلب من أحد النشطاء تأمين الحماية له لإتمام الزيارة، لكنّ اختفاءه حال دون ذلك”، مضيفين: “تصرّف الاب باولو دائماً من مبدأ قوة وعدم خوف، وهذه صفات ميَّزته، ولم يكن يخاف من فكرة اعتقاله، بل كان مندفعاً لمقابلة قادة “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، مؤكدين أن “كتائب “الجيش الحر” في الرقة، والمتمثلة بالفرقة 11، اهتمَّت باختفاء الاب باولو الى حد كبير وهدَّدت الجهة التي تقف وراء إخفائه بعقاب جسيم وهي ما زالت حتى اليوم تتابع الموضوع”.
ولفت أتباع الاب باولو في الرقة، إلى أنه “قد لا يكون معتقلاً، لكن نُقل الى مكان ما للقاء أمير “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، وهو قد نبّه سابقاً إلى عدم نشر أي شيء، إلا بعد مضي 3 أيام على اختفائه في حال حصل ذلك”.
وأضافت الصحيفة: “ميدانيّاً، نشطت التظاهرات والاعتصامات في مدينة الرقّة التي اختُطف فيها الأب باولو، حيث يحظى بتأييد شعبي كبير، مطالبة بالإفراج عنه، بعدما كان الإفراج عن الناشطين المحتجزين لدى “دولة العراق والشام الإسلامية”، همّه الاكبر ومطلبه، وقد سعى إلى تحريرهم بإصراره على التواصل مع قادة هذه الدولة واعتماد الحوار لغةً للإقناع ميَّزت حضوره وقوّة شخصيّته، وقد لاقت التظاهرات المندّدة بخطفه، صدى واسعا، فيما لا يزال بعض الناشطين والناشطات يمرّون يوميّاً امام مقرّ “دولة الشام والعراق الإسلامية”، للمطالبة بفكّ أسره وناشطين آخرين”، لافتة إلى أن “الناشطين في الرقة يقولون أن “دولة الشام والعراق الاسلامية” هي في مواجهة مستمرّة مع عناصر “الجيش السوري الحر”، حيث تتعرض الباصات الخاصة بنقل الركاب والموظفين والأساتذة في جامعة الاتحاد الخاصة للتدقيق والملاحقة، ودفع الطلاب الى ترك جامعاتهم والذهاب الى “الجهاد”، ما دفع أهالي الرقة والمناطق المجاورة الى الطلب من “الجيش الحر” نجدتهم والتدخل في المنطقة الكردية للتخلص من هذه القوى التي تهدف الى تقسيم سوريا”.
وعن قضية المطرانين واختفاء الاب باولو، لفت رئيس “حركة حزب التوحيد الإسلامي السوري” الشيخ ابراهيم الزعبي، والذي كانت له وساطات في هذا الإطار وخصوصاً في ما يتعلّق بملف الأسرى الإيرانيين والمخطوفين اللبنانيين، إلى أن “لا معلومات لديه عن مصير الاب باولو، وأنه لم يشأ لعب اي دور في هذه القضية”، مؤكدا “حرصه الشديد على حياة الأبرياء ورجال الدين بغض النظر عن انتماءاتهم ما داموا يقفون في صف المظلومين”.
أما بالنسبة الى المطرانين، فكشف الزعبي أنّ “شخصية من احدى الدول المجاورة لروسيا زارته في مكتبه منذ ثلاثة أشهر، وطلبت منه بصفة شخصية وضمن رسالة شفهية موجهة إليه شخصياً من البطريرك الروسي، المساعدة في الإفراج عن المطرانين”، لافتا إلى أنه “تبين بعد البحث والتدقيق ضلوع مجموعات شيشانية أو مقربة منها في عملية الخطف، وقد قال المبعوث الروسي له إنّ مجموعة من الشيشانيين طلبت من خلال وسيط، الإفراج عن بعض المساجين الشيشانيين في السجون الروسية في مقابل الافراج عن المطرانين، لكن الحكومة الروسية رفضت هذا الطلب”، موضحا أن “هذه الأمور تتّسم بطابع سري استخبارتي، ما يجعل جمع المعلومات فيها صعباً للغاية”، مشيراً الى ان “التعاطي مع المبعوث الروسي توقف عند هذا الحد في مسألة المطرانين، بعدما طلبت منه تكليفاً رسمياً لمباشرة الوساطة، إلّا أنني لم أحصل على جواب حتى الساعة”.
أما بالنسبة الى الجهة المسؤولة عن اختفاء الاب باولو، أبدى الزعبي “انزعاجه من التسرّع في توجيه اصابع الاتهام الى الجماعات الاسلامية”، مؤكداً أن “تلك الجماعات تصرّح مباشرة عما تقوم به من عمليات اخطر بكثير من الخطف”، لافتاً الى انّ “دولة العراق والشام” او غيرها، لم تصرّح حتى الآن ولم تعلن مسؤوليتها عن الخطف”، مستبعدا أن “تكون هذه الدولة هي الجهة الخاطفة، ليس دفاعاً عنها بل لعلمه بطريقة تفكير وتحرك وآلية عمل هذه الجماعات”، مستبعدا كذلك، في حال وجود الاب باولو مع هذه الجماعة، ان تكون قد قتلته، وكذلك الأمر بالنسبة الى المطرانين”، معتبراً أن “تعتيم الاخبار يهدف الى حفظ حياتهم ولتحقيق صفقة ما، فلو قتلوا لكنا رأينا ذلك على اليوتيوب مباشرة”.
واتهم الزعبي “اجهزة المخابرات التابعة للدول المجاورة لسوريا، من دون استثناء”، مشيراً الى انّ “كل عمليات الخطف او التفجيرات لها ادارة استخباراتية معينة من خلال التمويل والتخطيط وعرقلة مسار المفاوضات”، مؤكداً أنّ “جهاز المخابرات السوري يرأس هذه الاجهزة وقد جنَّد شباباً ليخططوا وينفذوا عمليات خطف واستلام أموال طائلة، تشكّل اليوم ثروات رديفة لضباط المخابرات السورية، إذ تشكّل لهم الضمان الاحتياطي في حال سقط النظام”.
ولفتت الصحيفة إلى أن “الناشطين القريبين من الاب باولو، يؤكدون نقلاً عن مصدر موثوق، أنّه “ضيف وليس معتقل لدى “دولة العراق والشام” في منطقة “سد البعث”، قبل أن ينقل الى منطقة المنخر، وهو يتحرَّك هناك براحته ويجري اتصالات هاتفية عندما يريد، وأنه في صحة جيدة جداً، وقد اختار على الأرجح البقاء لفهمهم اكثر او في محاولة منه لإقناع مسؤولي “الدولة” بأمر ما”.

السابق
حوري: حزب الله يرفض بالمطلق اعلان بعبدا
التالي
جابر: المفترض أن تؤدي مبادرة بري إلى تشكيل حكومة