السنيورة: على الدول الغربية قيادة مسار جديد لحماية سوريا والعالم العربي

دعا رئيس كتلة “المستقبل” النيابية الرئيس فؤاد السنيورة الدول الغربية الى “القيام بأكثر من التعامل مع هذا الهجوم الفردي في سوريا، بل عليه قيادة مسار جديد لحماية سوريا والعالم العربي من التفكك. ويمكنه القيام بذلك عبر دعم قوى الاعتدال وتعزيز معنويات المعارضين السوريين الذين نزلوا إلى الشوارع في بداية الثورة يطالبون بتغيير سلمي”.
وقال: “لقد نجم عن الاستراتيجية الحالية المتبعة نتائج تناقض المصالح الغربية، فقد أبقت هذه الاستراتيجية النظام السوري حيا وقادرا على نشر الفوضى في المنطقة، وأدت إلى جعل المعارضة أكثر تطرفا، وسمحت بتدخل إيراني أكبر في منطقة الشرق الأوسط. لقد حان الوقت لتغيير هذا المسار”.

كلام السنيورة جاء في مقالة نشرتها له مجلة “فورين بوليسي” بعنوان: “السيد الرئيس تحمل المسؤولية في سوريا”، في ما يلي نصها: “السيد الرئيس، تحمل المسؤولية في سوريا، إنها ليست مسألة الأسلحة الكيميائية فحسب، بل مسألة وقف حرب ديكتاتور وحشي.
في الوقت الذي تدرس فيه الولايات المتحدة إمكان تدخلها في سوريا، لا يمكن للمرء إلا النظر الى الوراء والتساؤل كيف تمكن ديكتاتور متوحش من تحويل ثورة سلمية إلى احدى أبشع الحروب الأهلية في هذا الجيل.

كلنا نعلم كيف بدأت. نزل المواطنون في بلدة درعا الجنوبية بصورة عفوية إلى الشارع في آذار 2011، مطالبين بالاقتصاص من المسؤولين عن تعذيب اطفالهم على ايدي قوات الأمن الداخلي التابعة للنظام. ولأكثر من ستة أشهر، انتشرت التظاهرات في البلاد، واستمر السوريون في التظاهر سلميا للمطالبة بالعدالة وبإصلاحات للنظام.
الاستعمال المفرط للقوة من النظام عكس طبيعته الوحشية، لكن السوريين تمسكوا بسعيهم للحصول على حياة من الحرية والعدالة والكرامة”.

أضاف: “لم يكن الامر في البداية ثورة عنيفة. وبينما كان السوريون يواجهون الرصاص بصدورهم العارية في تلك الأيام الأولى من الانتفاضة، استمر المتظاهرون بإطلاق شعارات “سلمية، سلمية” و”الشعب السوري واحد”. إلا أن الأعمال الوحشية التي ارتكبها النظام وعصابات الشبيحة الداعمة له، أجبرت الشعب السوري في النهاية على حمل السلاح.
تواجه الولايات المتحدة حاليا قرارا حاسما حول ما إذا كانت ستجعل نظام بشار الأسد يدفع ثمن فظائعه الأخيرة- وفي مقدمها استعمال الأسلحة الكيميائية في ضاحية دمشق حيث قتل المئات من المدنيين الأبرياء. وإذا أخفقت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في التعامل مع الحرب المستمرة- وخصوصا الهجوم الكيميائي الأخير- فإنها ستبعث برسالة كارثية إلى جميع الطغاة ان العالم سيقف مكتوف الأيدي بينما هم يقومون بذبح مواطنيهم”.

وتابع: “على الغرب القيام بأكثر من التعامل مع هذا الهجوم الفردي، بل عليه قيادة مسار جديد لحماية سوريا والعالم العربي من التفكك. ويمكنه القيام بذلك عبر دعم قوى الاعتدال وتعزيز معنويات المعارضين السوريين الذين نزلوا إلى الشوارع في بداية الثورة يطالبون بتغيير سلمي.
لقد نجم عن الاستراتيجية الحالية المتبعة نتائج تناقض المصالح الغربية: فقد أبقت هذه الاستراتيجية النظام السوري حيا وقادرا على نشر الفوضى في المنطقة، وأدت إلى جعل المعارضة اكثر تطرفا وسمحت بتدخل إيراني أكبر في منطقة الشرق الأوسط. لقد حان الوقت لتغيير هذا المسار.
لقد حصل تدخل دولي في سوريا – لمصلحة النظام. ففي تناقض واضح مع العديد من الدول التي عبرت عن تعاطفها المعنوي مع الشعب السوري، لم تتردد روسيا وإيران وحزب الله في تعزيز آلة القتل التابعة للأسد. فقد قدموا المساعدات المالية والأسلحة الثقيلة والمقاتلين لمساعدته في قتل شعبه”.

واردف: “وفي الوقت الذي استعمل فيه الأسد الصواريخ الطويلة المدى والطائرات الحربية الحديثة لتدمير أحياء بأكملها، صور بسخرية حملته الوحشية على أنها معركة ضد الإسلاميين المتطرفين. ودعا العالم إلى اختياره على أنه أقل الشرين، محققا بعض النجاح في هذا المجال. واستمر بمساعدة إيران وحزب الله بالعمل عمدا على تحويل ثورة تسعى إلى التحرر من نظام وحشي فحولها إلى صراع طائفي- محدثا عنفا خطيرا في منطقة تعاني أساسا من التوترات الطائفية، خصوصا وأن المسألة الفلسطينية لم تحل بعد”.
في بداية الثورة، هددت شخصيات بارزة من النظام السوري بشكل واضح بإحراق البلاد من أجل البقاء في السلطة. وبعد مرور أكثر من عامين، فانه من الواضح أنها وفت بوعدها: لقد فقدت حياة أكثر من 100 ألف شخص وأصيب أكثر من 200 ألف شخص بجروح، وسجن عدد أكبر وشرد ما يقارب ثلث الشعب السوري سواء داخل أو خارج البلاد”.

وقال: “يشكل عدد السوريين الذين وجدوا ملجأ في لبنان ربع عدد سكان لبنان. وفيما يفي الأسد بوعده بإحراق البلاد من أجل البقاء في السلطة، بمساعدة إيران وحزب الله، يكتفي العالم بالمراقبة بصمت.
نظرا الى هذا الوضع، من غير المعقول أن يقبل الأسد بالتحول السياسي المقترح في عملية جنيف. في الواقع، إذا أتيح للوضع الحالي أن يستمر، فكل شيء يدعو إلى الاعتقاد بأن المأساة في سوريا سوف تستمر بلا هوادة.
العالم – والغرب على وجه الخصوص- لديه واجب أخلاقي كبير بوقف حملة الأسد البغيضة. لا ينبغي في القرن الـ 21، ان يسمح لاي حكومة باستخدام مثل هذه الأسلحة الرهيبة ضد مواطنيها”.

واعتبر ان “الهجوم الأخير المروع بالأسلحة الكيميائية هو نتيجة مباشرة للإفلات من العقاب الذي يتمتع به النظام السوري. وقد أثبت الأسد أنه على استعداد لذبح السوريين بالآلاف وتدمير مدن عمرها آلاف السنين للحفاظ على سيطرته على السلطة، انه يشكل خطرا على الشعب السوري – وعلى العالم بأسره”.

وختم: “أبعد من القضية الإنسانية، للولايات المتحدة مصلحة استراتيجية في إنهاء الصراع في سوريا، وان استمرار الحرب يزيد الإرهاب ويقود الى توسع الهيمنة الإيرانية في المنطقة. هذه النتائج تتعارض مع المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، اما اعتبار أن استمرار الحرب يصب في مصلحة واشنطن فهو أمر سخيف، وان استمرار الحرب وهذه المأساة الإنسانية ما هو إلا دعوة لتفاقم وانتشار المشكلات- ليس فقط في سوريا، بل في منطقة الشرق الأوسط وأبعد منها”.

السابق
قرطباوي: التدخل العسكري يزيد الأوضاع تعقيدا ولايحل الازمة
التالي
بناء خزان مياه في شبعا بتمويل كويتي