حزب الله يقرأ في دستور إنقلابيّ مشعوذ

تلخصت الآراء الدستورية لحزب الله في موضوع تشكيل الحكومة والتي أطلقها قياديوه مطلع هذا الأسبوع بالتالي:
1- لا حكومة إلا وفق التمثيل الشعبي.
2- إن طبيعة النظام والتمثيل السياسي لا تسمح لأحد بأن يتجاوز الممثلين الحقيقيين سواء أكان المعيار (لهذا التمثيل) سياسياً أو طائفياً أو مذهبياً أو مناطقياً.
3- إن هذا البلد لا يحكم إلا بالشراكة.
4- لن نقبل بمشاركة هزيلة شكلية ليست بمشاركة فعلية.
5- إن المشاركة والتوازن في تأليف الحكومة هما مسألة ميثاقية ودستورية وإن شروط 14 آذار تخرج عن الأعراف والتقاليد السياسية في لبنان.

وعليه لا بدّ من تذكير الأخوة في حزب الله بالتالي:
1- لم ينصّ الدستور اللبناني لا من قريب ولا من بعيد أن تشكيل الحكومات يجب أن يتم وفق التمثيل الشعبي (وهي عبارة لا معنى قانوني لها) بل إن دستورنا نص على أن لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية حيث تشكّل الحكومات وفقاً لآليات محددة (استشارات ملزمة لرئاسة الحكومة ثم تشكيل يتفق عليه رئيسا الجمهورية والحكومة) على أن يعود للمجلس النيابي أن يمنح الثقة أو أن يحجبها.
2- إن الحديث عن “ممثلين حقيقيين سياسياً وطائفياً ومذهبياً…” لا قيمة له لأن تشكيل الحكومات مرهون بشرط نيل هذه الحكومات الثقة في المجلس النيابي ونقطة على السطر!
واستطراداً، من حقنا أن نسأل هل أن دولة نجيب ميقاتي كان يستوفي لجهة تمثيل الطائفة السنية الشروط الدستورية التي يتكلم عنها حزب الله اليوم؟؟ وهل أن معالي جبران باسيل الراسب في الانتخابات النيابية كما معالي نيكولا صحناوي الراسب أيضاً أو معالي وليد الداعوق أو حسان دياب الطارئين على السياسة يستوفون شروط التمثيل التي يبشر بها حزب الله؟؟ حتماً لا!!
وهل بوسع الأخوة في حزب الله أن يشرحوا لنا لماذا يعتبرون أن توزير ابن السيد موسى الصدر أو ابن الإمام محمد شمس الدين وأبناء العائلات والعشائر الشيعية لا يستوفي شروط التمثيل السياسي التي وضعها الحزب؟؟ وهل أن الوزير الحاج حسن أكثر شيعية من ابن شمص أو جعفر أو حمادة أو دندش… في منطقة بعلبك الهرمل؟؟ وهل أن ابن الأمين أو بيضون أو الأسعد أو الخليل… غير أهل للوزارة لأنه لا يمثل “اللون الطائفي والمذهبي والمناطقي والسياسي”؟ إن هذه الأسماء تمثل حتماً بيئاتها أكثر من حزب الله الذي ينعم بمال وسلاح ايران والذي يقمع أبناء جلدته، يرهبهم ويخطف قرارهم. هذه الأسماء أشرف من مصنعي الكبتغون ومن مزوري الأدوية ومن المعتدين ليل نهار على الأملاك العامة والخاصة والذين يجب أن يكونوا خلف قضبان السجون!
3- أما قول الحزب أن هذا البلد لا يُحكم إلا بالشراكة فالردّ عليه بسيط: إن تشكيل الحكومات كما في كل ديمقراطيات العالم يخضع لمبدأ” الأكثرية تحكم والأقلية تعارض” مع شرط خاص بلبنان حيث يجب مراعاة المناصفة بين الطوائف…علماً أن حكومات “الشراكة” العزيزة على قلب الحزب أي حكومات الوحدة الوطنية أثبتت فشلها التام في إدارة الشأن العام بسبب تلاعب حزب الله ورفاقه بما يسمى الثلث المعطّل، هذا الثلث البدعة الذي زرعه نظام الوصاية السوري في دستور الطائف لكي يتحكم بكل قرارات السلطة التنفيذية.
4- لا بأـس أن يطالب حزب الله ككتلة نيابية بما يريده لنفسه ولكن المعيار الأخير يجب أن يكون الثقة التي تنالها الحكومة وليس ثقة سرايا المقاومة وشبيحتها وكتيبة نساء وأطفال الحزب التي يستعملها حزب الله غب الطلب حرقاً وقطعاً للطرقات وتعطيلاً للديمقراطية كلما نادتها “أعراف” هذا الحزب.
5- على عكس ما يدّعيه حزب الله فإن المشاركة والتوازن في تأليف الحكومات ليسا مسألة ميثاقية ودستورية بل إنهما هرطقات وشعوذات يريد الحزب إدخالها إلى نفوس وعقول اللبنانيين…
إن كلام وشرح واجتهاد الشيخ والحاج الدكتور هي أمور غريبة عنالدستور وإني أتمنى عليهم إبراز نص الميثاق الذي يتحججون به علّني أزداد علماً أو علّهم يرتدعون…
أما عن انتقاد الأخوة في الحزب لما يسمونه “شروط 14 آذار” في تأليف الحكومة وخروج هذه الشروط عن الأعراف والتقاليد السياسية فأقول بكل بساطة: هاتونا الأعراف والتقاليد السياسية التي تتكلمون عنها لكي تدّرس في جامعات الحقوق العريقة في لبنان وافتحوا دورات تأهيل لأساتذة القانون الدستوري اللذين سهروا الليل والنهار لتحصيل شهاداتهم في أحسن جامعات العالم واللذين أصبحوا بنظركم بحاجة لدروس على أيدي شيخ جليل من هنا أوحاج موقّر من هناك.

في النهاية لا بدّ من لفت اللبنانيين إلى أن حزب الله دأب منذ فترة على دس وتشييع أفكار ونظريات ومفاهيم وأعراف…”دستورية” بعيدة كل البعد عن دستورنا وعن الديمقراطية عامة ومفاهيمها وأسسها فإيانا الانجرار وراء كل هذه الشعوذات لأنها المقدمة “السلسة” للانقلاب على الوطن وركائزه والتي تهدف إلى رفد وتدعيم السلاح وفائض القوة والهيمنة والفاشية في حياتنا السياسية!!

السابق
أميركا تزوّد مقاتلي المعارضة السورية بأسلحة فتاكة
التالي
طبارة: واشنطن دخلت بحالة تعامل مع حقوق الفرد بعيدة جدا عما كانت عليه