أوباما سيندروم: المعارضة خائبة والأسد يُمدِّد الإقامة

«إخراج كيماوي» روسي و»إخراج سينمائي» أميركي. وهكذا، كلٌّ نجح في إختصاصه. المستفيد الحقيقي هو نتانياهو. الأسد ينجو بنظامه، والمعارضة تُراكِمُ الخيبات.

حتى الضربةُ المحدودة والمحدّدة، الحافظةُ ماءَ الوجه، “هرب” منها الرئيس باراك أوباما. في الظاهر، “هرب” إلى أحضان الكونغرس. لكنه فعلاً “هرب” إلى حضن الرئيس بشار الأسد نفسه، طالباً منه أن يفتح له الباب، فيخرج من المأزق.

وتبيَّن أنّ الكوابيس التي تُرعب أوباما من الضربة أكبر من تلك التي تُرعب الأسد. فإنتهت الحرب قبل أن تبدأ. لكنّ أوباما سيقول: أليس الأفضل أن تتحقّق مفاعيل الضربة من دون وقوعها؟ أليس ذلك أسلم للمدنيين في سوريا؟ أوَليس الأفضل تجنّب “الجنون” الإيراني – السوري؟

خلال أيام قليلة، نجح أوباما في تغطية نفسه بورقتين لتعطيل الضربة، من دون أن يَظهر مهزوماً. الأولى هي الكونغرس الميّال حتى اليوم إلى رفض التورّط في سوريا، والثانية هي الأسد نفسه الذي بدا مستعداً للإستجابة للتسوية، أياً تكن شروطها وحيثياتها. وسيحاول الأسد أن يكون ماهراً جداً في إستنفاد الوقت لتنفيذ التسوية شكلاً، والتملُّص منها فعلاً.

إذاً، أثبت أوباما صدقيته أمام الأسد والمعارضة على حد سواء. فهو لا يستهدف إسقاط النظام بل كبْح جماحِه الكيماوي. ولو كان النظام هو الهدف، لما إنتظر أوباما والغربيون عامين ونصف عام من الحرب الأهلية، وأكثر من 100 ألف قتيل، من دون أيّ حراك عملي.

وستعاني المعارضة السورية ما يمكن تسميته “أوباما سيندروم”، أي الخيبة من الإتكال على الدعم الدولي. وعندما تكون الخيبة على مستوى القوة الدولية الوحيدة القادرة على تقديم الدعم، عندئذٍ يصبح بديهياً عدم إنتظار الدعم من أحد، في أي يوم!
لكنّ ما جرى في كواليس سان بطرسبرغ، وما سبقه وأعقبه وسيعقبه، أكبر من الأسد والمعارضة معاً، وأكبر من حجم سوريا وقدرة السوريين.

إنه رسمٌ لمستقبل سوريا على أبواب إستحقاقين:

1 – إقليمي، هو المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية البطيئة التقدم، ولكن، المتَّجهة إلى حسم نقاط إستراتيجية تعمل إسرائيل لتحقيقها كاللاجئين ويهودية الدولة.

2 – داخلي، هو إنتهاء ولاية الأسد في الصيف المقبل، والدخول في تحدّي إجراء الإنتخابات أو تعطيلها والبحث عن بدائل.

وهذا ما يدفع إلى السؤال: هل هناك جهة ورّطت الأسد بالكيماوي ليكون ذلك مبرراً لنزعه؟ فسوريا المقبلة هي مناطق نفوذ متنازعة مذهبياً وعرقياً، ولا أحد فيها يمتلك سلاح الدمار الشامل لا الكيماوي ولا الجرثومي ولا النووي… إلاّ إسرائيل المحظيّة حصراً بإمتلاكها جميعاً، في إطار سعيها “المشروع” دولياً إلى ضمان أمنها.

وحتى اليوم، لم تكن الترسانة الكيماوية الضخمة في سوريا تستثير أحداً، ولا حتى إسرائيل المطمئنّة إلى أنّ النظام ليس في وارد إستخدامها ضدها. ولم يتحرَّك أحد لضبط هذه الترسانة حين كانت مخبأة لسنوات طويلة في المخازن، أو حين إستُعملت على نطاق ضيِّق. أما اليوم، فهناك من أراد إخراج الكيماوي من المخازن وتسليط الضوء عليه تمهيداً لنزعه، لأنَّ الطبخات الكبرى التي تُحضّر للمنطقة تقتضي ذلك.

وثمّة إعتقاد بأنّ الروس يريدون مساعدة الأسد على الإحتفاظ بالحد الأدنى من سلاح كيماوي رادع، لكنهم يخشون سقوط بعض المخازن عسكرياً، ووقوعها في أيدي الجماعات الإسلامية المتشددة، وذات الصلة بالمتمردين الشيشان.

أما الأميركيون والأوروبيون فيفضلون “تنظيف” سوريا من الكيماوي في أسرع ما يمكن. فهي مقبلة على فوضى عارمة، وسيكون صعباً في ظلها ضبط هذا السلاح ومنع إستعماله أو إنتقاله إلى خارج الحدود.

وتضغط إسرائيل أيضاً في هذا الإتجاه. والنقاش حول الكيماوي السوري حسّاس وضروري لأنه يواكب إنطلاق النقاش حول مستقبل الكيان السوري، وهو النقاش الأول من نوعه منذ نشوء سوريا الحالية.

وقد تضطر المعارضة السورية إلى أن تكون أكثر واقعية في التعاطي مع الوعود بالدعم، أو بتحريك الأساطيل دفاعاً عن المدنيين. و”أوباما سيندروم” يصيب أيضاً كلّ القوى العربية المواجهة للمحور السوري – الإيراني. ويمكن السؤال هنا عن حال “14 آذار” أولاً!

السابق
شارلي شابلن في البيت الأبيض؟
التالي
بعد ٧ سنوات العالم سيتغير!