مي ارسلان: المرأة التي صنعت زعامة آل جنبلاط

مي ارسلان جنبلاط
قيل بحق إنّ مي ارسلان هي إمرأة عكس التقاليد وضد السائد والمألوف. وعندما كان الإنقسام الدرزي عميقا بين الجنبلاطيين واليزبكيين وعلى رأسهم آل أرسلان، تزوجت كمال جنبلاط وجعلته زعيما، هو الصهر الآتي من عائلة ما دون - أرسلانية.

كتب الكثير عن الاميرة مي ارسلان جنبلاط لمناسبة وفاتها. وقد جرى التركيز بشكل خاص على زواجها بالزعيم الراحل كمال جنبلاط الذي أنجبت منه النائب وليد جنبلاط. وكأنها مدينة لآل جنبلاط بالشهرة أو بالموقع في حين العكس هو الصحيح . فقد جرى اغفال او نسيان دورها السياسي البارز، وإن من خلف الكواليس، هي التي منحت آل جنبلاط زعامة لم يملكونها من قبلها.

يقول عارفون إنّ مي ارسلان هي امرأة عكس التقاليد وضد السائد والمألوف. وعندما كان الإنقسام الدرزي عميقا بين الجنبلاطيين واليزبكيين، وعلى رأسهم آل أرسلان، أحبّت مي أرسلان وتزوجت كمال جنبلاط. كما لو أنّها قصّة روميو وجولييت. فساهمت من حيث تدري او لا تدري في تغليب كفة الجنبلاطيين على حساب عائلتها. فآل ارسلان كانوا اقطاعيين يتحكمون بأراضي الجبل وممتلكاته وعائلاته، التي كانت تتبعهم بمعظمها. أما القلة القليلة غير التابعة لهم فكانت تعامولها عائلة أرسلان بدونية، ومنها عائلة جنبلاط : “كانوا ينظرون باحتقار إلى آل جنبلاط”، يقول صديق مقرّب من الراحل كمال جنبلاط، ويضيف: “هذا الزواج جعل العائلة أكثر احتراما”، ويتابع: “هي المصاهرةى التي صنعت الزعامة الجنبلاطية”.

شكّل زواج ابنة الامير شكيب ارسلان من كمال جنبلاط حدثا درزيا مميزا . فكانت الخطوة الاولى على طريق تقارب العائلتين، ولاحقا خضوع العائلة الاقطاعية العريقة لنفوذ الزعامة الناشئة التي مثلها كمال جنبلاط .

يمكن القول ان مي ارسلان هي التي نصبت زوجها كمال زعيما على الدروز ، وساعدته ظروف لبنان المضطربة لاسباب اقليمية وداخلية، كما ساعده تزعّمه “الحركة الوطنية”، بدلا من أن يتزعّمها شيعي أو سنّي أو مسيحي. فكان حظّه الأقلوي، درزيا وجنبلاطيا، ممرّه الإلهي إلى زعامة وليدة. وعندما اغتاله النظام السوري عام 1977 أصبحت الاميرة مي هي المرجعية المطلقة للوريث وليد. فكان موقعها مميزا في المختارة وفي المصيطبة ولاحقا في كليمنصو وفي متن كل قرار.

هكذا فإنّ كمال جنبلاط هو “الصهر”، أحد الطرفاء قال إنّه “جبران باسيل الدروز”، ووليد بيك هو ابن “جبران باسيل الدروز”. والأم، الأميرة مي أرسلان هي التي ساعدت ابنها وليد على تجاوز مرحلة الخطر في ظل قرار سوري آنذاك بتصفية العائلة الجنبلاطية، او على الاقل انهاء وجودها السياسي . وقد ساهمت نصائحها، بالاضافة الى براغماتية وليد الفائقة، في تمرير ذلك القطوع .

لم تكن مي بعيدة عن هذه البراغماتية التي جعلت جنبلاط الابن يفتح كل خطوطه على النظام السوري ليكتسب موقفعا مميزا في العلاقة معه. وفي علاقاته مع القوى الطائفية الاخرى كذلك. وقد ساهمت الحرب الاهلية في تعزيز قيادة وليد جنبلاط الحزبية، وكرست زعامته العائلية مستفيدا من تراجع نفوذ الارسلانيين بموت آخر عمالقتهم الامير مجيد، واختلاف نجليه على ورائة زعامة متهالكة، وصغر سنّ الأمير طلال أرسلان وسفره إلى خارج لبنان.

هكذا بات وليد جنبلاط، ابن الأميرة والزعيم الوطني، زعيما على الدروز، ليس بالوراثة بل بانتزاع الزعامة من فم الحروب والمعارك، وربما يكون تيمور جنبلاط أول “الورثة” في هذه السلالة.

السابق
السجينات في لبنان: اهمال كامل المواصفات
التالي
إجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية لمناقشة الملف السوري