بين الغاز الطبيعي والسارين

العنوان قد يبدو سوريالياً، فما العلاقة بين الغاز الطبيعي وغاز السارين؟ ولماذا جمعهما في سياقٍ تحليلي واحدٍ؟
نبدأ بالإجابة الفورية أن لا علاقة بين الغازَيْن إلا من باب صراع المصالح بين بعض الدول الكبرى حول النفط والغاز سواء كان في البر أو في البحر. وبالطبع لا علاقة لثورات الشعوب بهذه الصراعات.
إنه صراع المصالح بين دولٍ عظمى على دولٍ ومناطق إما انها تختزن إحتياطاً هائلاً من النفط والغاز، وإما انها تمر فيها خطوط انابيب الغاز والنفط. صحيح ان الشعوب صادقة في مشاعرها الثورية وسعيها للتحرر، لكن عواصم القرار في العالم تهمها الاسواق المالية والبورصات.
وسبق ان ظهرت تحليلات استراتيجية تربط بين ما يجري من احداث وبين مستقبل خطوط انابيب الغاز الروسية والاميركية وغيرها.

من هذا الباب، اي من باب الاهتمام بملف الغاز، وضع لبنان نفسه على خارطة الاهمية في المنطقة، فنتيجة المسوحات البحرية تبيَّن ان لبنان يمتلك عشرة بلوكات من حقول الغاز البحرية، وهي تمتد من قبالة النهر الكبير شمالاً إلى الناقورة جنوباً، هذا يعني ان هناك بلوكات شمالاً متداخلة مع الحدود مع سوريا وقليل منها متداخلة مع قبرص، وأخرى جنوباً متداخلة مع حدود فلسطين المحتلة. وتبقى منطقة ثالثة تمتد من البترون إلى صيدا وهذه المنطقة فيها من البلوكات غير المتداخِلة مع أحد. هنا طلب وزير الطاقة جبران باسيل عقد جلسة لمجلس الوزراء لأجراء مناقصة لتلزيم هذه المنطقة للشركات الدولية التي يحق لها المشاركة، لكن طلبه جوبه باعتراضات مفادها انه إذا اقتصر التلزيم على هذه المنطقة من دون سواها فهذا يعني إشارة غير سليمة وغير مناسبة للبلوكات الشمالية والجنوبية بانها قد يلحقها الإهمال وتدخل في سوق البازارات الدولية.

ولكن بسبب هذه التباينات فقد آثر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عدم التجاوب مع طلب عقد جلسة لمجلس الوزراء، لئلا يؤدي انعقادها في ظل هذه التباينات إلى المزيد من الشرخ في السلطة التنفيذية وعلى الساحة السياسية، ولبنان بغنى عن هذا الشرخ.
في مقابل هذه التحركات الداخلية حيال ملف الغاز، تبدو هناك حيوية دولية ايضاً، فأكثر من مراقب وخبير يعتقد بأن أكثر من دولة اجنبية تحاول ان تحظى بحصة في التنقيب عن الغاز خاصة في لبنان.

السابق
التهمة أخطر من الضربة
التالي
هل ستردّ إيران على الضربة من لبنان