إنذار أم دمار!

توتر… ترقب… والشعوب العربية في انتظار ضربة كما المعلم لتلميذة، وليس لهم الإرادة للحفاظ على إرادتهم في تقرير مصيرهم، وهو شعب أصبح وللأسف مخدرا دون دافع للحفاظ على كيانه العربي… وهم الذين كانوا منذ التاريخ القديم ملوك العلم في العالم وأسياده.

العيون شاخصة…الأذان صاغية… والأجساد مسمّرة أمام الشاشات في انتظار ما ستؤول إليه الأحداث في قطب عربي هو الباقي ذات الكفاءة والخبرة العسكرية بعد ما حدث في العراق وليبيا ومصر وما تفعل الفوضى القائمة بتلك الأقطاب التي دُمرت بخطة مدروسة أدواتها من الداخل تارة بإسم الدين وتارة بإسم الحرية ولاعبها ومحركها من الخارج وهذا ما نتج عن الاستزلام للخارج.

روسيا… حليف سوريا الرئيسي التي كما قيل دافعت وأعاقت قرارات دولية ومجلس الأمن بشأن الهجوم العسكري على سوريا… كما تقر بكل وضوح بأنها لن تدخل في حرب مع أحد من أجل سوريا إن كان هناك تحرك عسكري ضد الأخيرة، والمجالات مفتوحة لعقد الصفقات التي تصب في مصلحتها.

تركيا… الجار اللدود، التي تبكي على اطلال الدولة العثمانية وما كان لها من غطرسة وسلطة ونفوذ في استعمارها لدول عربية، تحاول جاهدة لإعادة زمنها الغابر وتعود إلى ما كانت عليه من تسلط، فتحضرت عسكريا وصؤّبت باتجاه سوريا بما اوتيت من عتاد لاغتنام الفرصة في مقايضة او حصة لاطفاء حسرة زمان مضى كان ليدها سلطة، وهي التي بذمتها تسعة لبنانيين أحياء مجهولي المصير وتحمل وزر أثنين آخرين قضيا بسببها، عاملة على اشعال فتنة بين الأشقاء وهذا ليس دفاعا عن سوريا التي ليست براء من هذه العملية.

إيران… التي تهدد الغرب في حال حدوث أي اعتداء على سوريا بوخيم التبعات والويلات والرد الشرس سيقع على مصالح الغرب بما شمل، وهي التي كانت حليف الغرب في الحرب على العراق وهذا مثال، فاستقوت سابقا بذات الغرب الذي تهدده اليوم… وليس بخافي أن السياسة مصالح قبل كل شيء.

بريطانيا… بالأمس يقر برلمانها ولجانها الشعبية رفض خطة الحكومة بالهجوم العسكري على سوريا وعدم الموافقة على تدخله… ومعروف عن بريطانيا دائما ما تستخدم غيرها كأدوات لمصالحها حتى أمريكا رغم اشتراك المصالح احيانا عند أي قرار دولي، واليوم تعتب على الشريك في الجريمة المزمع ارتكابها بسبب غيرة غزل أمريكي لفرنسا بعد اعلان موقفها.

فرنسا… التي فقدت مغامرها “ساركوزي” في ليبيا، بعد أن تمادت تصريحاتها الرسمية في التحريض الدولي والتشجيع على التدخل العسكري وتوجيه الضربة التي تربّي وتعاقب النظام السوري، تارة تفضل الحوار لحل هذه الأزمة بعد اجتماع رئيسها مع رئيس الإئتلاف السوري المعارض وتستبعد الضربة العسكرية على سوريا هي وألمانيا وأخرى تعيد نفس كرة التهديد وتعود لوتيرة الإندفاع لشن تلك الضربة ويعود الغزل الغربي لها بأنها لن تكون وحدها.

إسرائيل… طفل أمريكا المدلل والذي لا يرد له طلبا، تشدّ وتقدّ في الوعيد والتهديد إن تأثرت من الأزمة السورية رغم هزائمها في لبنان بفضل المقاومة اللبنانية، تتحضر لحدوث هذه الضربة العسكرية على سوريا فتقوم بدورياتها في الجولان المحتل وعلى حدود الخط الأرزق، جهزت بطارية القبة الحديدية المبتدعة التي خرقت من قبل المقاومة كما اعلنت هي نفسها، نجدها تقع في تناقضات الرأي، فهي تريد أن تتم هذه الضربة العسكرية على سوريا كون سوريا دولة عربية مجاورة تريد أن تضعفها، وحينا لا تتمنى أن يسقط نظام الأسد الحامي لحدودها والذي التزم بعدم مقاومتها وترك الجولان محتلا وكأنه ليس جزءا من سوريا متروكا لأهله يتحملون عبء الإستعمار ويقاوم على قدر المباح فرديا.

أمريكا التي هي محرك الأمور الدولية والسلطة العليا على جميع الدول وإن كان هناك مجلسا للأمن وهيئة أمم فحين تصدر القرار الجميع ينفذ مهما كان وحتى يستطيع الرئيس الأمريكي منفردا باتخاذ قرار التحرك العسكري ما دام ليس هناك من يطالب بحقه منه والأمريكي لا تطاله المحكمة الجنائية الدولية، حتى أن الحكومة الأمريكية تجاهلت ملاحظة لجنة المخابرات في الكونجرس الأمريكي بعدم استشارتها وتقديم التقارير اللازمة المتعلقة بسوريا للإطلاع والتاكد من مزاعم واتهامات تستدعي التحرك العسكري ضد سوريا، كان هذا بالأمس القريب أما اليوم بعد اعلان مواقف الدول الأوروبية من الضربة العسكرية على سوريا وتراجع البعض ورفض البعض بعد تشجيع الرئيس الأمريكي على هذا المنحى نجده يتأنى ويعيد الحسابات بشأن هذا التحرك العسكري لكسب الوقت، وإعادة كسب المشاركين في الرأي ليشاركوا بالعمل العسكري، وتخوفا من خسارة الشعبية الإمريكية وهو المسلم الأفريقي الأصل الذي وصل لسدة الرئاسة الأمريكية.
كما لا يمكن تجاهل الرأي العربي من الجامعة العربية والشعوب المعارضة لهذه الضربة العسكرية التي ستقام على دولة عربية بما أنها لن تجدي فائدة وهدف إسقاط النظام فتكون ضربة عسكرية يذهب ضحيتها الأبرياء ودمار بلاد وآثار تاريخها العريق وتقع الخسائر البشرية والمادية على الجميع دون جدوى.

أما المعارضة السورية، وأي معارضة هذه التي لا تتحد على رأي وتدلل عن نفسها بأنها غير أهل لاستلام زمام أمور دولة أو بقايا دولة في حال كان هناك ضربة عسكرية ضد النظام في سوريا، فليس لها من خطة تأسيس الدولة المستقبلية المرجوة التي تتمتع بالحرية والديمقراطية ما دامت الشكوى من فقدانهما في عهد النظام القائم.

ليس هناك من يشعر بأطفال تقتل إن كان بسبب القصف النظامي إن كان بالذخائر ام الكيميائي وليس هناك من يشفع لأم ثكلى، وأطفال وشباب تعدم دون رحمة أمام الملأ، ورقاب تنحر، بل جميع ما يحدث من مآسي لهذا الشعب العريق يستخدم للمقايضة والمفاوضة من أجل الكسب والربح والسلطة.

عجبا من زمن أصبح الشقيق يستعين بالعدو والغريب على شقيقة كي يقتله ويزيله من طريق طمعه، وما يقال عن الحرية والديمقراطية ما هي إلا شعارات تغنى لدى جميع أطراف النزاع في سوريا وخارجها وما أرواح الضحايا والمجازر التي ترتكب بحق أبرياء لا تهز ضمير العالم لإنهاء هذه الجرائم.

السابق
البابا يكرر معارضته للحرب في سوريا ويندد بـ«الحروب التجارية لبيع اسلحة»
التالي
كيري: عدم تحركنا بسوريا رسالة أننا لا نأبه اذا استخدموا الأسلحة المحظورة