النهار: تكثيف الإجراءات الوقائية بعد تهديدات لبعثات ديبلوماسية واشنطن

فيما عكست قرارات المجلس الاعلى للدفاع الذي انعقد امس في قصر بعبدا الاستنفار الواسع التصاعدي الذي يسود اجهزة الدولة العسكرية والامنية تحسبا لانعكاسات الضربة الأميركية المحتملة للنظام السوري على لبنان، قفز ملف أمن البعثات الديبلوماسية وحمايتها الى واجهة الاولويات الامنية اسوة بالاجراءات الجارية لمكافحة الارهاب والتفجيرات. وجاءت خطوة وزارة الخارجية الاميركية في خفض عدد الموظفين غير الاساسيين في السفارة الاميركية في عوكر وتحذير الرعايا الاميركيين من البقاء في لبنان ودعوتهم الى مغادرته فوراً، بمثابة اشعار واضح باقتراب موعد الضربة الاميركية لسوريا على ما فسر المعنيون الرسميون في بيروت هذه الخطوة.

ولعل ما عزز هذا الانطباع، معلومات توافرت لـ”النهار” عن اللقاء الاول الذي جمع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والسفير الاميركي الجديد ديفيد هيل امس في السرايا بعد ساعات من تقديم الاخير اوراق اعتماده الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان. فقد علم ان هيل ابلغ ميقاتي رسميا قرار الولايات المتحدة تحييد لبنان عن تداعيات الضربة المحتملة لسوريا وان الأجواء اللبنانية لن تستعمل تالياً في هذه الضربة منعا لاي ارتدادات على الساحة اللبنانية.

وأكد هيل في اطلالته الاولى “ان نظام الاسد يجب ان يحاسب على هجومه الوحشي بالاسلحة الكيميائية على شعبه”، لكنه شدّد على “عزل لبنان عن اي مضاعفات تتعلق بالرد على الهجوم الكيميائي والحفاظ على سياسة النأي بالنفس اللبنانية باعتبارها السياسة الصحيحة لاستقرار لبنان والمنطقة”. ولاحظ “ان فريقا واحدا في لبنان هو حزب الله يواصل انتهاك هذه السياسة بشكل صارخ وتالياً يضاعف التحديات التي تواجه لبنان”.

وتزامن التحرك الاول للسفير الاميركي مع تظاهرة نظمها بضع عشرات من ناشطي المنظمات الشبابية في قوى 8 آذار في ساحة عوكر تعبيرا عن رفض هذه القوى لضربة اميركية لسوريا رفعوا خلالها صورا للرئيس السوري بشار الاسد.

وقالت مصادر مطلعة لـ”النهار” ان الاجهزة الامنية والعسكرية باشرت اتخاذ اجراءات امنية استثنائية حول مقار عدد من البعثات الديبلوماسية تحسبا لأي استهدافات محتملة لها وخصوصا في ظل تهديدات وجهت الى بعض منها وخصوصاً البعثة الاميركية وبعثات اوروبية. واستأثر هذا الموضوع بجانب مهم من مناقشات المجلس الاعلى للدفاع امس بعد عرض تفصيلي للوضع الامني في ظل الاحتمالات التي ترتبها انعكاسات ضربة لسوريا.

واعلن الرئيس سليمان خلال الاجتماع انه “في حال حصول تدخل عسكري في سوريا فان الموقف الثابت للبنان هو رفض التدخل الخارجي في سوريا”. ويشار في هذا السياق الى ان الرئيس سليمان وصل مساء امس الى نيس في جنوب فرنسا ليرأس الوفد اللبناني الرسمي الى افتتاح الدورة السابعة للالعاب الفرنكوفونية اليوم. وسيلتقي على هامش هذه المناسبة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.

التحذير الأميركي
وافاد مراسل “النهار” في واشنطن هشام ملحم انه في خطوة وقائية تحسبا لاي اعتداءات قد تطاول منشآتها الديبلوماسية عقب الضربة العسكرية المحتملة لسوريا، أمرت الادارة الأميركية، ديبلوماسييها غير الاساسيين في سفارتها في بيروت بمغادرة لبنان مع عائلاتهم، وجددت تحذيرها للمواطنين الاميركيين من السفر الى لبنان “بسبب المخاوف المتعلقة بالامن والسلامة”. وحضت مواطنيها العاملين او المقيمين في لبنان على “ان يتفهموا المجازفات التي تلازم بقاءهم هناك وعليهم اخذها في الاعتبار”.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قد أوردت أمس ان الاستخبارات الاميركية رصدت اتصالات تبين ان ايران اصدرت اوامرها الى عناصر عراقية بمهاجمة السفارة الاميركية في بغداد وغيرها من المنشآت والمصالح الاميركية اذا تعرضت سوريا لهجوم اميركي. وقالت ان ثمة مخاوف اميركية من احتمال مهاجمة “حزب الله” السفارة الاميركية في بيروت. ويوم الاربعاء وخلال شهادته في مجلس النواب قال رئيس هيئة الاركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي ان ردود الفعل على أي ضربة اميركية لسوريا قد تشمل مهاجمة “حزب الله” مصالح اميركا او مصالح حلفائها.

ودعت الخارجية المواطنين الاميركيين في لبنان وجنوب شرق تركيا الى مراجعة التحذيرات من السفر الى المنطقتين الصادرة في السادس من الشهر الجاري، وحضتهم على تقليص تحركاتهم وان يطلعوا على ما يحيط بمنازلهم، وتحضير الخطط الطارئة. وجاء في التجديد الذي ادخل على التحذير الصادر في شأن عدم السفر الى لبنان في الأول من نيسان ان “احتمالات حصول ارتفاع في اعمال العنف الاعتباطي في لبنان لا تزال موجودة. والسلطات الحكومية اللبنانية غير قادرة على ضمان الحماية للمواطنين والزوار (الاميركيين) الى البلاد في حال اندلاع العنف. والوصول الى الحدود والمطارات والطرق والمرافئ يمكن ان يتعطل دون سابق انذار. كما ان التظاهرات العامة تحدث بين وقت وآخر دون انذار ويمكن ان تتحول اعمال عنف”.

ويشير نص التحذير الذي تجدده الخارجية الاميركية بين وقت وآخر، وخصوصاً بعد حصول اعمال عنف الى “ان هناك تنظيمات متطرفة تنشط في لبنان لا تقتصر على حزب الله، صنفتها الولايات المتحدة تنظيمات ارهابية”.

ويقول المخططون العسكريون الاميركيون ان ضرب “حزب الله” الاراضي الاسرائيلية في حال تعرض سوريا لضربة اميركية، هو من الاحتمالات التي يدرسونها ويخططون لمواجهتها. وسوف يكون أمن السفارات والمنشآت الاميركية في المنطقة، وكيفية الرد على أي رد سوري – ايراني، من المسائل التي سيناقشها وزير الخارجية جون كيري مع الديبلوماسيين الاروربيين في ليتوانيا اليوم.

السابق
لا ضمانات بعدم رد ايران وحزب الله اذا توسعت الضربة على سوريا
التالي
السفير: إيطاليا لإجلاء محتمل لجنودها الزرق وإجراءات لبنانية تنتظر قرار الكونغرس