يسقط الأسد.. تنهض التسوية!

يصل باراك اوباما اليوم الى سان بطرسبرج متأبطاً كثيراً من عناصر القوة التي كان فلاديمير بوتين يظن انه لن يحصل عليها وخصوصاً من الكونغرس وفي بلد متعب من الحروب الخارجية، لكن مسودة التفويض التي أقرتها لجنة الشؤون الخارجية بعد ساعات من المناقشات التي شاهدها العالم، ستحصل على موافقة الكونغرس، بما يعطي الضربة الاميركية لسوريا قوة اجماع داخلي يحفظ صدقية اوباما ويعطيه قدرة اكبر على التصرف!

“الضربة العقابية المحدودة” لا تحتاج الى شهرين مع جواز تمديد المهلة شهرا اضافيا كما تنص صيغة التفويض، الذي يحظر نزول القوات الاميركية على الارض، ذلك ان قصف الاهداف الـ90 التي حددها “البنتاغون” بصواريخ “كروز” و”توما هوك” يمكن ان يحصل في اقل من ثلاثة ايام، وسبق ان تمت الاشارة الى هذا الامر، لكن الواضح ان اوباما والمسؤولين في الكونغرس وفي البنتاغون يعرفون ان الذهاب الى الحرب لتوجيه ضربة محدودة عملية سهلة لكن العودة من هذه الحرب قد لا تكون سهلة على الاطلاق، ولهذا فتح المجال على مدى ثلاثة اشهر!
ولأن اوباما يعرف ان الضربة العقابية قد تجرّه الى حرب مفتوحة أصرّ على الذهاب الى الكونغرس لتكون المسؤولية وطنية، فليس سراً ان العقاب قد يدفع الاسد الى السقوط وإلاّ فانه سيقف في اليوم التالي ليقول: “لقد صمدنا في وجه العدوان… لقد هزمنا اميركا” فتستمر المذابح بالكيميائي وغيره، وليس سراً ايضاً ان سقوط الاسد سيؤدي الى سقوط معادلات ورهانات اقليمية كبيرة من روسيا الى ايران وأذرعها العسكرية الممتدة من “حزب الله” في لبنان الى الحوثيين في اليمن مروراً بـ”عصائب اهل الحق” في العراق، ولذا فان الضربة قد تتحول حرباً اقليمية، وخصوصاً اذا أطلق الاسد صواريخه على اسرائيل او اذا تم دفع “حزب الله” الى مثل هذا، لهذا تبدو مهلة الاشهر الثلاثة منسجمة تماماً مع الحسابات التي لا تستبعد حصول حرب اقليمية، رغم ان الموقفين الايراني والروسي لا يوحيان برغبة في الإنجرار الى صراع اقليمي في المنطقة.
في أي حال أرى ان السؤال الأهم الذي يجب طرحه هو: ماذا قصد اوباما عندما قال “ان اضعاف قدرة الاسد ينسجم مع استراتيجية اوسع يجب في نهاية المطاف ان تحقق العملية الانتقالية، التي يفترض ان تجلب السلام والاستقرار ليس الى سوريا بل الى المنطقة”!
هل المقصود ان هناك مراهنة اميركية على ربط عملية التغيير في سوريا باحياء فعلي لعملية التسوية السلمية، بحيث تعوّض اميركا خسارتها التاريخية بعد سقوط مشروع “اخونة” المنطقة بتسوية ترسم شرق اوسط يقوم على توازنات جديدة؟!

السابق
الأساقفة الأميركيون يريدون حلاً سياسياً في سوريا لا عسكرياً
التالي
إنها الحرب