مع ترقّب ضربة عسكرية لسوريا: أزمة اللاجئين تتفاقم

فيما تناقش الدول الغربية القيام بضربة على سوريا في أعقاب الاعتداء بالأسلحة الكيماوية في 21 آب الماضي على ضواحي دمشق الذي خلّف مئات القتلى، يبحث السوريون المرتعبون عن ملجأ في الدول المجاورة. وقد أضاف هذا النزوح الأخير الذي سبّبته الضربة المحتملة لسوريا المزيد من الأعداد الى المليوني لاجئ الذين التجأوا حتى الآن الى تركيا، والأردن، ولبنان، والعراق.

وسبق أن حذّرت العديد من المنظمات الإنسانية العالمية من أنّ هذا التصعيد العسكري الأخير سوف يزيد أزمة اللاجئين سوءاً. “وصلت معاناة المدنيين في سوريا اليوم الى مستويات غير مسبوقة، ولا يبدو أن النهاية قريبة”، قال ماغني بارث، رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا، في بيان صحافي صدر الثلاء الماضي.

إلاّ أنّ عمّال الإغاثة على الأرض وكذلك المدافعين عن حقوق الإنسان والمسؤولين الدوليين  يقولون إنّه على الرغم من النداءات والتقارير الصادرة عن وضع مليوني لاجئ سوري على الأقل، فشل المجتمع الدولي في التوصّل الى خطة للتعاطي مع النزوح الجماعي ومساعدة البلدان المضيفة.

في البلدان المضيفة الأربعة، أي تركيا، ولبنان، والعراق، والأردن، أصبح الناس مترددين أصلاً في قبول المزيد من اللاجئين. فوفقاً لبيان صحافي أصدرته [المنظمة] الدولية للاجئين، أضافت الدول في أنحاء المنطقة خلال الأشهر الأخيرة قيوداً تهدف الى إبطاء وصول اللاجئين السوريين إليها أو الحد منه. حيث فرضت الحكومة اللبنانية على السوريين دفع 200$ سنوياً للحفاظ على وضعهم القانوني، وقيل إنّ العراق وضع كوتا يومية يُحدّد من خلالها عدد اللاجئين الذين يمكن أن يجتازوا حدوده، وفي تركيا، تباطأت نسبة تسيير السوريين في مواكب ونقلهم الى مخيمات، ممّا ترك الآلاف عالقين في مخيّمات قذرة وغير آمنة على الجانب السوري من الحدود. وثمة تقارير كذلك تتحدّث عن ترحيل الحكومة المصرية للسوريين.

غير أنّه وفقاً لجويل عيد، المسؤولة الإعلامية في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين “حالياً، لا يوجد برنامج إعادة استيطان خاص بسوريا ولا نمتلك معلومات عن متى يمكن أن يتغيّر ذلك في المستقبل”. وقالت لموقع NOW إنّ المبادرة الوحيدة الجارية حالياً هي عبارة عن برنامج دخول إنساني مؤقت [للاجئين] الى ألمانيا. “لقد عرضت الحكومة الألمانية قبول دخول 5000 نازح سوري من لبنان  إليها في نهاية عام 2013 وطُلب من المفوضية العليا للاجئين المساعدة في تحديد الحالات وفقاً للمعايير التي حدّدتها الحكومة الألمانية. وهي تشمل ذوي الحاجات الخاصة أو من تجمعهم علاقات عائلية وثيقة بألمانيا”، أشارت عيد. وقالت أيضاً إنّ أنطونيو غوتيريز، المفوّض الاعلى في مفوضية اللاجئين، أشار في عدة مناسبات الى احتمال أن يُطلب من الدول الغربية أن تستقبل اللاجئين السوريين في محاولة التخفيف عن كاهل المجتمعات المضيفة لهم في لبنان، والأردن، وتركيا.

يتمركز اليوم العاملان الميدانيان في المنظمة الدولية للاجئين، مارك هانسون وداريل غريسغرابر في جنوب تركيا وقد زارا مؤخراً لبنان. وقالا لموقع NOW إنّه كان يجدر وضع خطة لمعالجة أزمة اللاجئين السوريين قبل فترة طويلة.

“من المرجّح جداً أن يؤدي أي نوع من التدخّل أو الضربة الى خلق المزيد من اللاجئين في كافة البلدان المضيفة، التي تعيش جميعها حالة توتّر جرّاء ذلك”، قال المعاون الأعلى في المنظمة الدولية للاجئين غريسغرابر لـ NOW. “إن الجهد الذي تبذله ألمانيا لإعادة استيطان [السوريين] فيها ضئيل جداً، بالكاد يُرى. ما نتحدّث عنه هو تقاسم العبء مع باقي العالم، من خلال استقباله لبعض اللاجئين السوريين”، أضافت. ولكنّها قالت أيضاً إنّ العديد من اللاجئين السوريين لا يريدون أن يستوطنوا بلداناً جديدة وقد شدّد على أنه على المجتمع الدولي أن يتوصّل الى خطة لدعم المجتمعات المضيفة ولتأمين تمويل الى [برنامج الأمم المتحدّة للإغاثة] لتوفير هذه الخدمات.

على مدى عام 2013، زادت وكالات الأمم المتحدة طلباتها للإغاثة الإنسانية. وقد حُدّد مبلغ تمويل حالات الطوارئ في سوريا بـ 5 مليارات دولار، وهو المبلغ الأكبر الذي طُلب من أجل أزمة واحدة، ولكن وكالات الأمم المتحدة لم تتلق سوى 39 في المئة من التمويل المطلوب، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وقال غريسغرابر أيضاً إنّ أزمة اللاجئين السوريين لم تعد ظاهرة مؤقتة، وأنّ البلدان في المنطقة مدركة لذلك. “ولكن في ضوء حقيقة أنّ هؤلاء الناس سوف يمدّدون فترة إقامتهم هناك، من المهم دعم المجتمعات المضيفة لأنها يجب أن تكون قادرة على التكفّل بحاجاتها وبحاجات اللاجئين فيها لفترة غير محدودة من الزمن”، شدّدت قائلة.

وفي هذا السياق، شرح هانسون، المسؤول الأعلى عن العلاقات الحكومية في المنظمة الدولية للاجئين، أنّ إعادة الاستيطان هي عملية بطيئة ومزعجة وأنّ المجتمع الدولي بدأ مؤخراً بمناقشتها. ولكنّه اعتبر بأنها لن تريح لا اللاجئين ولا المجتمعات المضيفة لهم. “ما نحتاجه هو استراتيجية منسّقة بشكلٍ أفضل لإيوائهم، واستراتيجية أكثر تنسيقاً للتحقّق من تلبية حاجات اللاجئين. ولكن يوجد كذلك ناس فقراء يعيشون في المجتمعات المضيفة متراصين ويجب الاعتناء بهم بطريقة هادفة”، قال هانسون لـ NOW. وأضاف أنّ المساعدة للمجتمعات المضيفة الفقيرة تأخرّت كثيراً.

إذا كان المجتمع الدولي يدرس احتمال القيام بضربة عسكرية، فعليه أيضاً التفكير بالجانب الإنساني والتوصّل الى خطة مدروسة للتعامل مع الأزمة. وأضاف هانسون أنّ اللاعبين الكبار في الإنماء مثل البنك الدولي، يجب أن يدخلوا في مشاريع تمويل، مهما كان ذلك مزعجاً. “لقد دخلنا العام الثالث من الصراع هنا ويجب أن يكون قد تمّ الانتهاء من التخطيط لحلول على المدى الأطول، وأن نكون قد بدأنا العمل بها في الوقت الحالي. لسوء الحظ، فإن المجتمع الدولي ومجتمع الإنماء بدآ للتو تصوّر كيف سيكون شكل [التعاطي مع الأزمة] على المدى الأبعد” ختم قائلاً.

هذا المقال ترجمة للنص الأصلي بالإنكليزية
(ترجمة زينة أبو فاعور)

السابق
قيود على المنظمات غير الحكومية في جنوب لبنان
التالي
الإئتلاف السوري يتخوّف من هجوم كيماوي جديد