خلفيات التحذير البريطاني من السفر إلى لبنان

كتبت صحيفة “النهار”: ما إن نشرت السفارة البريطانية مدوّنة السفير طوم فليتشر عن “تبديل بريطانيا لنصيحة السفر الى لبنان” حتى اطلق حبل التكهنات على غاربه. وإذ يأتي التغيير في توقيت محلي واقليمي دقيق، لبّه التطورات المتعلقة بالضربة العسكرية المحتملة على سوريا اقليمياً، وازدياد التشنج محلياً، تحرص لندن على ابقاء الخطوة ضمن “اطارها الموضوعي” انطلاقاً من عوامل عدة: أولها، ان تحذير السفر الى لبنان رُبط ” بتقويم ضرورات الرحلة” للقادمين الجدد وفقاً لما ورد في مدونة فليتشر و”اهمية البقاء” بالنسبة الى الرعايا المقيمين. وهو “تحذير دوري”، يأتي في سياق طبيعي بعيد الاحداث المأسوية التي ضربت لبنان سواء في الضاحية الجنوبية او في طرابلس. كما انه يعقب خطوات دورية مماثلة شملت التنبيه من التوجه الى مناطق معينة وغيرها.

ثانياً، يبدو ومن منظار بريطاني ان الخطوة ترتبط بالتشنج الاقليمي القائم والذي املاه “تقويم اوسع”. وهذا ما بات يترجم ” بازدياد المشاعر المعادية” ضد الغرب على قول ناطقة باسم السفارة البريطانية في بيروت والذي يرفع من منسوبه امكان حصول عمل عسكري في سوريا. كما انه لا يقتصر على لبنان بل يتعداه الى عدد من الدول.
ثالثاً، وفي ظل الاجواء التي انبثقت من قرار مجلس العموم البريطاني تقييد حركة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في سوريا، تقر المصادر البريطانية ردا على سؤال بأن قرار التحذير يأتي ضمن ارتفاع وتيرة العنف في لبنان والتوترات التي تطاول المنطقة. من هنا، فان “الحفاظ على سلامة الرعايا البريطانيين يبقى اولوية”.
رابعاً، بدا جليا ان التحذير ترافق وتأكيد الالتزام البريطاني الثابت بمواصلة المساهمة في استقرار لبنان عبر دعم المؤسسات وفي مقدمها الجيش. وفي هذا الاطار، يمكن فهم اشارة فليتشر الى “مواصلة لندن تطبيق رزمة الـ120 مليون دولار”، وكذلك تذكيره بزيارة رئيس اركان الدفاع البريطاني الجنرال ديفيد ريتشارد الى قائد الجيش العماد جان قهوجي في الايام الأخيرة. ولا تنفصل عن هذا الخط الدعوات الى التمسك بالوحدة وضرورة تشكيل حكومة جديدة والتنويه بجهود رئيس الجمهورية ميشال سليمان لاستئناف الحوار.
خامساً، ثمة سؤال يطرح بقوة حيال انعكاس الخطوة البريطانية على دول اوروبية اخرى، بعد التحذير الاميركي المماثل الاسبوع الماضي. وهو ما يجيب عنه المصدر “بوجود تنسيق دائم حول الأمور المشتركة بين شركائنا الدوليين، بمن فيهم دول الاتحاد الاوروبي، وهم يتخذون اجراءاتهم اللازمة في ما يتعلق بنصائح السفر”.
يبقى ان “مدونة فليتشر” أملت ان يكون التدبير موقتاً، باعتبار ان التحذيرات تخضع لمراجعة دورية. فهل تفرض التطورات المقبلة أمراً واقعاً مغايراً؟
وكانت وزارة الخارجية البريطانية نصحت أمس الرعايا البريطانيين بتجنب “السفر غير الضروري الى لبنان” بسبب “المخاطر الناجمة عن ازدياد المشاعر المعادية للغرب” من جراء احتمال القيام بعمل عسكري في سوريا.
وقالت في بيان: “اجرينا تعديلا اليوم لنصائحنا المتعلقة بالسفر الى لبنان، وبتنا ننصح بتجنب السفر غير الضروري”. ودعت “الرعايا البريطانيين في لبنان الى ان يتابعوا باهتمام النصائح المتعلقة بالسفر ويفكروا في مغادرة البلاد اذا لم يكن وجودهم ضروريا في الوقت الراهن”.
واوضحت ان “المشاعر المعادية للغرب قد تزداد في بعض البلدان المرتبطة بامكان حدوث عمل عسكري محتمل في سوريا. ما زلنا ننصح بتجنب زيارة مدينة طرابلس اللبنانية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين ووادي البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت”.
وأكدت ان “بريطانيا لا تزال متمسكة بقوة باستقرار لبنان وستستمر في تطبيق برنامج الاستقرار الذي تبلغ قيمته 120 مليون دولار ويتضمن تقديم دعم انساني وتعزيز القوات المسلحة اللبنانية”.

السابق
ريفي: كشف الضالعين في جريمة التفجيرين في طرابلس يؤسس لبداية طيبة من التلاقي بين اللبنانيين
التالي
اعتراض الدبلوماسيين رسالة من حزب الله الى دول الخليج؟