خامنئي وسليماني وسوريا

خامنئي وسليماني وسوريا

خسر الجنرال قاسم سليماني الحرب . قبل اليوم ربح معارك عديدة في العراق ولبنان وسوريا وبعيدا في افغانستان ، حتى “اصبح الجنرال الذي يصنع الملوك “. معركتان لم يتوقع خسارتهما : الانتخابات الرئاسية في ايران ، والحرب في سوريا . الاولى خسرها عندما اعلن دعمه علنا للمرشح الممثل المفترض للحرس الثوري الجنرال السابق محمد قاليباف ، وهو ما كان يجب ان يتورط به لانه ما زال في الخدمة العسكرية ، لكن كما يبدو ان ثقته الزائدة بنفسه جعلته يقفز فوق القواعد والاهم ان يضع نفسه في مواجهة المرشد أية الله علي خامنئي بدلا من ان يكون في خدمته او على الاقل ان يبقى لاعبا كبيرا تحت عباءته. قاليباف كان يعرف جيدا ان المرشد يريد سعيد جليلي او علي ولايتي لخلافة احمدي نجاد، لكنه ذهب بعيدا في تحديه ، فكانت خسارته كبيرة لانه تبين ان الإيرانيين يرفضون “عسكرة “النظام الى درجة انهم يقبلون تطويره من الداخل في ظل “عمامة” المرشد . الدليل ان قاليباف جاء الاول بين الضعفاء ولم يحز على اكثر من ١١٪ من اصوات الإيرانيين .

طبعا المرشد لن يقيل او يبعد سليماني لان” لحمه ليس طريا ليؤكل ” ، ولأنه بحاجة له في سوريا التي تبادلا التعهد بربح الحرب وبقاء يد المرشد فوق مثلث ألعراق وجنوب لبنان وسوريا . المشكلة الان، ان الجنرال سليماني ربح معارك عدة الى درجة انه انقذ النظام الأسدي بعد ان استقدم قوات حزب الله الى القصير وغيرها من المواقع ، اضافة الى جيش من الخبراء الإيرانيين في الحرب الكترونية والأمنية وهو الان يواجه خسارة المواجهة ليس بالضرورة بهزيمة عسكرية ، وانما لان الموقف الدولي تغير من بشار الاسد ونظامه ، بعد جريمة استخدام السلاح الكيميائي في الغوطة ضد المدنيين . وهو يعرف جيدا ان التهديدات التي اطلقها بمواجهة اي هجوم امريكي والحاق الهزيمة به وباسرائيل ليست سوى نوعا من ” الجعجعة بلا طحين هذه المرة وفي النهاية اكثر ما تسعى اليه بلاده ان تكون حاضرة في اي مؤتمر يعقد حول سوريا.

أيضاً لان حكومة الرئيس حسن روحاني دخلت مسارا جديدا باتجاه الانفتاح على الخارج الإقليمي والدولي . من الطبيعي ان يكون لكل تحول شروطه وتداعياته العميقة خصوصا في الحالة الإيرانية . ولا شك ان اول من سيتأثر بذلك حزب الله ، الذي وان كانت ايران لا يمكن ان تتخلى عنه لانه ” الابن الشرعي والوحيد للثورة” ، الا انه سيجد نفسه منخرطا بفعل قوة التحولات باتجاه التغيير الذي قد لا يكون بعيدا عن مضمون النصيحة التي وجهها له الرئيس الأسبق محمد خاتمي وهي ان يكون جزءا فاعلا من النظام السياسي ، الذي يستطيع تطويره من الداخل .

ليس الجنرال سليماني وحده الذي يخسر . أيضاً الأصوليون يخسرون ويتراجعون . المرشحون الخمسة سقطوا في الانتخابات، وما قاله احدهم وهو محسن رضائي من ان “التيار الاصولي يعيش أيامه الاخيرة … وهزيمتهم تؤكد ان الشعب لا يريدهم ” ، واقعي جداً . الطريف هنا ان احمدي نجاد يعتبر نفسه الوريث الاول للتيار الأصولي لان شبكته الاكثر تواجدا وانتشارا لدى الشرائح الفقيرة خصوصا في الأرياف ، وتقدر نسبتها بحوالي ٢٥٪ من الشعب الإيراني .علما انه لا توجد أدلة حيادية تؤكد او تنفي صحة هذا الاعتقاد النجادي .

تحرر الايرانيين من ضغوط التيار الأصولي ورسوخ الاعتدال الذي ينادي به الرئيس حسن روحاني ، سينتج تغييرا عميقا في ايران . منذ الان وقبل نضوج الأوضاع تستعد شخصيات وناس عاديين من المجتمع المدني الإيراني للعودة الى ايران ، خصوصا بعد ان اعلن وزير الداخلية انه لن تكون هناك مسائلات أمنية الا في حالات محددة ومعينة يعرف أصحابها ما فعلوه . ويؤكد إيرانيون معارضون ان عودتهم هي لدعم المجتمع المدني وتعميق دوره في عملية تغيير بطيئة جدية ومتواصلة تحول أيضاً في الغرق بتجربة مشابهة للربيع العربي يجد الحرس الثوري الفرصة للإمساك السلطة بقوة ، في وقت يتعرض فيها لضغوط غير مسبوقة ، علما ان داخل الحرس قوى معتدلة تعارض الغرق في المستنقع السوري .

السابق
افتتاح اللقاء السنوي للتسوق في صور
التالي
بوتين: على أميركا تقديم أدلتها على استخدام الكيماوي بسوريا لمجلس الأمن