الإعتداء على سوريا إعتداء على المقاومة

تكثر الاسئلة الدولية والعربية واللبنانية، عن موقف «حزب الله» في حال تعرّضت سوريا لعدوان عسكري أميركي ـ غربي، ولا تسقط هذه الاسئلة من كل النقاشات والمفاوضات والمناورات القائمة حالياً، والتي تعمل على قراءة احتمالات «العدوان» وتداعياته على سوريا ولبنان والمنطقة.
“حزب الله” جزء من المعركة القائمة في سوريا علناً، وعليه فإن موقفه من اي اعتداء اميركي على سوريا يحدده، بحسب اوساط متابعة، حجم الضربة واهدافها. سوريا تدفع ثمن دفاعها عن المقاومة وخياراتها الى جانب الحلفاء، والجيش السوري، بحسب إقتناع الحزب، يقاتل منذ عامين ونصف عام دفاعاً عن هذا الخيار.

اما دخول الحزب منذ أشهر على خط المواجهة والقتال في سوريا، فقد جاء بعد أن تيقّنت قيادته بأن الحرب الدائرة هناك انما تستهدف “مشروع المقاومة” في سوريا ولبنان والمنطقة.

بناء على هذا الفهم الواضح لطبيعة المعركة، وفي ظل التهديدات الأميركية الغربية بتوجيه ضربات عسكرية لسوريا، يمتنع الحزب عن الإدلاء علناً بما يمكن ان يفعله اذا حصل هذا العدوان.

وفي سياق البحث عن اجوبة على السؤال الذي يحار الجميع في تطريز الاجابات عنه، يمكن وضع الملاحظات الآتية التي من شأنها ايضاح الموقف اكثر:

اولاً، يعتبر حزب الله انّ الاعتداء على سوريا هو اعتداء على المقاومة، وهذا الاعتقاد مبني على جملة معطيات توافرت لديه وجعلته يتخذ قرار المشاركة العلنية في الحرب الدائرة في سوريا. “القرقعة في دمشق والمطلوب رأس المقاومة”، هذه الجملة قالها الإيرانيون منذ الايام الاولى للأزمة السورية واثبتت مجريات الاحداث صحتها من وجهة نظر “محور الممانعة”.

ثانياً، حجم الرد تحدده ظروف الميدان والتنسيق بين الجيش السوري والمقاومة. القرار المتخذ منذ زمن هو “التصدي لكل محاولات اسقاط النظام السوري بالقوة”، ولا يزال هذا القرار سارياً بمعزل عن السناريوهات المحتملة لهذه الضربة.

وهنا في الامكان وضع التصريحات الإيرانية التي تحذر من “النتائج الكارثية” لأيّ عمل عسكري ضد سوريا على كل المنطقة في السياق ذاته. مع العلم أنّ طهران اطلقت رسائل سرية وعلنية لمن يعنيهم الأمر تدعو الى “التعقل” وعدم اختبار قوة المقاومة والجيش السوري والارادة الإيرانية في مواجهة أي عدوان محتمل.

ثالثاً، لن تكون اسرائيل في معزل عن خريطة الرد على ضرب سوريا. وهذا يعني أنّ لبنان قد يكون مرشحاً لإحتمالات عدة، على ايقاع ما قد يحصل في سوريا وحجم التمادي الاميركي في العدوان.

طبعاً هنالك ميل كبير لجعل المواجهة محصورة في الجغرافيا السورية وعدم توسيع رقعة الحرب. لكن إذا تمادت واشنطن وحلفاؤها في العدوان على سوريا بحيث تصبح المواجهة “مفتوحة”، فمن الطبيعي ان يصبح لبنان جزءاً من هذه المواجهة.

النزاع الذي تخوضه المقاومة منذ نشأتها هو نزاع مع الاستكبار الاميركي ومشاريع الهيمنة والاحتلال التي تدعمها واشنطن. وربما تكون الاحداث السورية فرصة للمقاومة لكي تختبر المواجهة المباشرة مع العدو الاصيل، في حين انها كانت تواجه الوكلاء بمن فيهم اسرائيل والجماعات التكفيرية.

وهنا قد تكون حماسة المقاومين والقيادة اكبر لأنّ مواجهة من هذا النوع تضع الامور في نصابها وتجعل الفرز على المستوى العربي والاسلامي واضحاً بلا التباسات مذهبية او تفتيتية او تقسيمية.

وربما في هذا المجال تستلهم المقاومة حادثة من التاريخ الاسلامي، عندما انبرى الإمام علي بن ابي طالب لمقاتلة عمرو بن وِدّ العامري احد فرسان المشركين، يومها قال رسول الاسلام محمد جملته الشهيرة: “لقد برز الايمان كلّه الى الشرك كله”.

السابق
مزاولة المهام الملكية
التالي
أميركا.. أميركا نحن هنا