مواقف لرفع العتب

مصادر سياسية اعتبرت أن تصرف الحكومة اللبنانية مع التهديدات المتزايدة للعدوان على سورية يثير الاستغراب والاستهجان وهو أقلّ درجة حتى من الموقف الأردني الذي اعتبر بمثابة رفع العتب فالحكومة الأردنية التي استضافت اجتماع رؤساء الأركان الذين يخططون للعدوان على سورية وجدت نفسها مضطرة لإصدار بيان تعلن فيه أن أراضيها لن تكون منطلقاً لشن حرب على سورية.
وعلى الرغم من كل ما بات معروفاً عن التخطيط الجاري لاستعمال الحدود مع سورية وفلسطين المحتلة بالسعي لإقامة جيب مرتبط بـ»إسرائيل» يوجد فيه قوة من ميليشيات المعارضة السورية التي يجري تدريبها في الأردن لم يكن أمام الحكومة الأردنية إلا إصدار البيان المذكور لإبقاء الخطوط مفتوحة مع دمشق.
وتضيف المصادر السياسية أما في لبنان فإن المواقف التي صدرت عن بعض المسؤولين فهي أقل من رفع العتب وهي في الواقع مبنية على تجاهل كلي لأبسط اعتبارات الجوار والأخوة مع دولة شقيقة قدمت للبنان الكثير في حين يعتقد الخبراء العسكريون أن صواريخ البوارج الأميركية قد تعبر الأجواء اللبنانية في طريقها إلى سورية في حال وقوع العدوان وكذلك طائرات الناتو بينما يعتقد العديد من المراقبين أن شبكة تجسس أميركية ـ غربية وعربية تعمل في لبنان على صعيد تجميع المعلومات عن سورية وإعداد بنك الأهداف الذي تساهم في تكوينه لصالح المخابرات الأميركية وحلفائها في المنطقة والعالم من حكومات تقيم مخابراتها أوكاراً على الأراضي اللبنانية.
الصرخة اللبنانية الوحيدة التي تعكس قدراً من المسؤولية والاهتمام كانت في دعوة وزير الخارجية عدنان منصور إلى اجتماعات لبنانية على مستوى السلطة الإجرائية لكي تناقش اجتمال العدوان على سورية وتتخذ المواقف المناسبة منها وفي أبسط الاعتبارات كان يفترض إصدار بيان رسمي لبناني يعلن صراحة رفض استعمال الأجواء والمياه اللبنانية في الاعتداء على سورية لكن يبدو أن ما يشغل بال الحكومة فقط هي تداعيات العدوان عبر الكلام عن النزوح السوري بل إن البعض يراهن على تدمير سورية وقدراتها علّهم بذلك يجدون فرصة للانقضاض على المقاومة ومعسكرها السياسي في الداخل اللبناني وهذا ما تعتبره المصادر السياسية مؤشراً خطيراً لما سيعقب العدوان على سورية إذا وقع.
ما لم يتحسّب له المتورطون اللبنانيون في الحرب على سورية هو احتمال أن تنتهي المواجهة الجارية إلى ردع المعتدين وانتصار سورية ومعسكر المقاومة في المنطقة وحلفائه في العالم كما حصل في حرب تموز عام 2006. وعندما يمكن التنبؤ بنتائج عكسية لأمنيات الكثير من القيادات في السلطة وخارجها خصوصاً إذا تحولت المواجهة إلى حرب شاملة ضد الكيان الصهيوني تقلب معادلات المنطقة وتغيّر وجهها ولا شك أن حسابات كثيرة ستفتح في الداخل اللبناني بعد ذلك.
التذاكي والبيع والشراء والخروج عن الاعتبارات الأخلاقية والوطنية في السياسة سيؤدي بأصحابه إلى خسارة كبيرة أياً كانت النتائج ويبدو أن بعض اللبنانيين من المشتغلين في السياسة في السلطة وخارجها لم يعودوا يأبهون لماء وجوههم ولا يحسبون الحساب للخطة التالية من خارج المراهنات الأميركية والغربية.

السابق
الكلاب ضيوف حفلات الزفاف
التالي
سرقة نصف مليون دولار في صور