مغامرة أوباما: أي هدف استراتيجي ؟

كان الرئيس شارل حلو يقول: لا أعرف ما يحدث غداً، لكني أعرف ما يحدث بعد غد. وعلى العكس، فإن الكل يبدو حيال لعبة الأمم في سوريا أنه يعرف ما يحدث غداً لكنه لا يعرف ما يحدث بعد غد. ما يحدث غداً جعله الغرب الأميركي والأوروبي حديث الناس: ضربة عسكرية. وما يحدث بعد غد مثار أسئلة بلا أجوبة. شيء من التهوين بالنسبة الى حجم الضربة وسيناريو اليوم التالي. وشيء من التهويل بسيناريو يوم القيامة.

والكل ينتظر ما يقرره الرئيس باراك اوباما ضمن حتمية الضربة. فهو يدرس الخيارات على طريقة جرجي درس الموضوع. وما في حساباته لتحديد حجم الضربة هو حجم الرد عليها ونوعه وشموله. لا فقط على أساس ما تستعد له دمشق وطهران وحلفاؤهما بل أيضاً بتأثير ما سمعه من خبير استراتيجي أميركي خلاصته إن قوانين لاس فيغاس لا تنطبق على سوريا، فما يحدث هناك لن يبقى هناك.
واذا كانت حرب سوريا مستمرة عشية الضربة وبعدها، فإن السؤال في واشنطن يتجاوز حجم الضربة الى الهدف الاستراتيجي. هل المسألة هي عقاب على استخدام الأسلحة الكيميائية أم تغيير لمسار الحرب بما يجعل التسوية السياسية ممكنة أو الحل العسكري ممكناً؟ هل هي قرار بالاضطرار لاستعادة ما فقدته أميركا من هيبة ونفوذ وقوة ردع في المنطقة؟ هل من مصلحة أميركا اسقاط النظام ما دام البديل الذي يضمن مصالح سوريا وأميركا ليس حاضراً كما قال الجنرال ديمبسي؟ أليست مصلحة أميركا هي استمرار الحرب لأسباب عدة، بينها ما عبّر عنه الخبير الاستراتيجي ادوارد لوتواك بالقول: أعداء واشنطن يتقاتلون في سوريا فاتركوهم، لأن أي انتصار للأصوليين أو للنظام وايران هو كارثة أميركية؟
مفهوم أنه لا الشعب الأميركي ولا أوباما في مزاج الدخول في حرب، بعدما قادت حربا افغانستان والعراق الى كارثة اقتصادية ومالية في الداخل وتآكل هيبة أميركا في الخارج. والجدل في واشنطن قبل عواصم العالم يدور حول الأفول الأميركي، بحيث إن مسؤولاً صينياً قال لمسؤول أميركي: نرجوكم ألا تستعجلوا الأفول بل أن تجعلوه على مراحل. وأوباما ليس صانع الأفول بل صنيعته. فما جاء به هو الغضب من سياسة بوش التي قادت الى الأفول. وما حاوله هو التكيف مع العيش في عالم ما بعد أميركا حسب عنوان كتاب شهير. وتوجيه ضربة عسكرية الى سوريا مغامرة لاستعادة الهيبة وقوة الردع.
وهذه ليست استراتيجية، ولو نجحت الضربة، فكيف اذا فشلت؟ وكيف اذا قادت الى حرب اقليمية؟

السابق
هذا هو المطلوب… لبنانيّاً
التالي
الأسد لم يعد مفاوضاً مقبولاً