تحظى امريكا بتأييد دولي شامل

ما كانت الولايات المتحدة لتتمنى تحالفا دوليا أكثر إراحة للهجوم المتوقع على سورية. فتأييد الجامعة العربية الشامل ودعم تركيا، بل الاصوات التي تأتي من ايران التي تحذر أن تقول إنها ستتدخل للدفاع عن سورية. كل ذلك يُبين لواشنطن ولدمشق ايضا أنه اذا حدث هجوم فلن يُتقبل بتفهم فقط، بل سيحظى بتأييد شبه شامل. وربما يكون البرهان الأبرز على الاعتراف بأن سورية تجاوزت كل قواعد الحرب المتفق عليها، هو رد روسيا الذي أعلن وزير خارجيتها سيرغي لافروف أن ‘روسيا لن تخرج لتحارب أي طرف في حال هجوم’.
تعتمد الشرعية الدولية على تقدير أن الهجوم الامريكي (الذي قد يكون بمشاركة قوة بريطانية وفرنسية) سيكون موزونا ونقيا مع عدد قليل من الخسائر، لكن تجربة الماضي برهنت على أنه لا يوجد هجوم نقي بلا خسائر.
إن للجيش الامريكي بنك أهداف يعتمد في جملة ما يعتمد عليه على قائمة طويلة فيها 35 منشأة تطلب المعارضة السورية والجيش السوري الحر ضربها. وتشتمل القائمة على مقرات قيادة الفرقة الرابعة الموضوعة بالقرب من دمشق، ومقرات قيادة الحرس الرئاسي، ومخازن السلاح الكيميائي ومقرات قيادة الفرقتين الاولى والسابعة اللتين تسيطران على الممر من درعا الى دمشق، الى جانب قواعد عسكرية في منطقة اللاذقية، كي تستطيع قوات الجيش الحر أن تسيطر على منطقة الساحل وتتحرك بسهولة نسبية من الجنوب الى دمشق. وطموح المعارضة هو ألا يكتفي الهجوم الامريكي بعمل عقابي جراحي موجه على قواعد السلاح الكيميائي، بل أن يمنح الجيش الحر تفوقا استراتيجيا واضحا يمكنه أن يحسم المعركة.
لكن هجوما طموحا كهذا قد يصبح ايضا نقطة كسر الاتفاق الدولي، في وقت قد ترسم فيه روسيا وايران الخط الاحمر الذي قد تتجاوزان بعده الخطابة وتنتقلان الى العمل. وتمنح الاستعدادات المعلنة للهجوم، سورية ايضا مهلة للاستعداد له ولمضاءلة أضراره، بل للتشويش على شرعيته. فعلى سبيل المثال يستطيع بشار الاسد أن يحشد مدنيين في الاماكن المرشحة للهجوم، كما فعل صدام حسين في حينه كي يزيد في عدد المصابين وليعرض المهاجمين بأنهم مجرمو حرب.
قررت الادارة الامريكية في الحقيقة أنه لم يتم استعمال السلاح الكيميائي فقط، بل ان الجيش السوري هو الذي نفذ الهجوم. لكن الشيء الذي هو أقل من هذا تأكيدا هو أكان الاسد هو الذي أصدر الأمر، أم استقر رأي قادة كبار في جيشه على تنفيذ هجوم كيميائي؟ اذا كان هذا الامكان هو الصحيح فلن يكون من الخطأ أن نتوقع أن توسع تلك الجهات استعمال السلاح الكيميائي للبرهنة على بطلان الهجوم على سورية.
إن التقدير المقبول هو أن الاسد لن يرد باطلاق صواريخ على جاراته، ولا سيما اسرائيل، كي لا يمنحها سببا للمشاركة في المعركة عليه. لكن حين يهدد متحدثوه بضرب الاردن فان هذا التهديد قد يتبين أنه حقيقي ولا سيما في ضوء حقيقة أن النظام السوري يرى الاردن قاعدة نشاط عسكري غربي وعربي موجه عليه.
قد تكون تركيا هدفا سوريا آخر، ولا سيما مخيمات اللاجئين السوريين التي أُنشئت بجوار الحدود، لسورية جيش قوي على استعداد للهجوم، وتقديرات هجوم سوريا على تركيا أو عدم هجومها تشبه تقديرات اسرائيل، ومن هنا يأتي تقدير أن تركيا لن تكون جزءا من ميدان القتال.
لكن اذا تجاوزنا هذه التقديرات التكتيكية فان الهجوم الغربي على سورية سيدفعها الى ان تناضل عن حياتها لا في مواجهة متمردين في الداخل، بل في مواجهة ‘العالم’. وللنظام السوري في هذه المنزلة الجديدة عدة خيارات وهي أن يستسلم بشرف للعدو الذي هو أقوى منه بعشرات الأضعاف، وأن يحارب الجميع بكل الوسائل كي يحول الحرب المحلية الى حرب أممية، أو أن يحني هامته وينتظر نهاية الهجوم كي يستمر في ‘روتين الحرب’. وسيتبين اختيار سورية حينما تبدأ الصواريخ الامريكية بالانطلاق.

السابق
السياسة الافضل هي الوقوف جانبا
التالي
8 آلاف انتحاري