ماذا بعد مؤتمر المعلم؟

عاشت دمشق في ظل التهديدات الغربية يومين عصيبين القلق والتحدي وبدا واضحاً على وجوه السوريين القلق من عواقب الغزو الأميركي المحتمل والتحدي القوي لهذا الغزو اذا ما حصل وهي سمة تاريخية تعرف بها شعوب الهلال الخصيب سورية الطبيعية بشكل خاص.
بالأمس خرج «معلم» الدبلوماسية السورية ليظهر حنكة سياسية قل نظيرها في عصرنا الحالي في مؤتمر صحافي اتسم بالثقة والوضوح. الوزير المعلم أكد خلال المؤتمرعلى نقاط جوهرية أهمها أن موسكو تقف موقفاً ثابتاً من دمشق وهو موقف الحليف الاستراتيجي الذي لا يتخلى عن حلفائه مهما حصل مشيراً في هذا الصدد الى تصريحات وزير الخارجية الروسي الأخيرة سيرغي لافروف عندما قال « إن موسكو لن تنجر الى حرب اذا ما حصل تدخل خارجي في سورية « المعلم قال إن تصريحات لافروف هي تصريحات من البديهي والمنطقي أن تأتي على لسان وزير خارجية وقال «ماذا تتوقعون أن يقول وزير خارجية روسيا في مثل هكذا مناسبة.. هل نريد حرباً كونية لتصل الى اراضينا؟!» ولكن ما الذي خفي وراء هذا الجواب؟.
المعلومات تقول إن الجانب الروسي وبتنسيق تام مع الحكومة السورية على علم كامل بالخطة الأميركية للهجوم من الناحيتين العسكرية والسياسية وان موسكو كانت قد هيأت دمشق لهذه الضربة بشكل كامل.
فالضربة المزعومة آتية لامحالة ولكن ما الهدف الاساسي من وراء هذا الفعل الأميركي؟.
تقول مصادر مطلعة للبناء إن الضربة الغربية لدمشق ستكون محدودة ومن دون دخول بري ولن تؤثر بشكل مباشر على الجيش السوري أو تؤدي الى إسقاط الدولة النظام ولن تغير توازن القوى على الأرض مع المسلحين وستقتصر على ضرب أهداف معينة ومدروسة لن يكون لها تأثير على مجريات الأحداث وهذا ما تؤكده كل التصريحات الغربية آخرها تصريح لمسؤول بريطاني قال « إن بلاده لا تسعى لإطاحة النظام في سورية «.
أما الهدف فيتلخص بإخراج الادارة الأميركية من مأزقها أمام الكونغرس والمؤسسات الحكومية الأميركية وحلفائها من ناحية الاحراج الذي وقعت فيه ادارة أوباما لعدم الإقدام على رد مباشر على دمشق النظام السوري والذي يتهمه الغرب باستخدام السلاح الكيماوي في هجومه على الغوطة الشرقية لدمشق ومن أجل تطوير حل سياسي يعقب الضربة الأميركية من أجل السير بخطى ثابتة الى مؤتمر «جنيف 2 «.
ولذلك فان الاطراف المعنية مباشرة بالأزمة السورية كانت قد هُيئت للضربة الأميركية فقد أكدت مصادر لـ «لبناء»أن زيارة جيفري فيلتمان الى طهران منذ يومين كان هدفها وضع الجانب الايراني في صلب الخطة من أجل ضمان رد الفعل الايراني وهذا ما أكده الوزير المعلم في مؤتمره عندما قال رداً على سؤال اذا ما كانت زيارة فيلتمان الى طهران هي صفقة مع الولايات المتحدة فقال «ان طهران حليف استراتيجي لدمشق ولا تعقد صفقات من وراء ظهرنا ما يشير الى علم الطرف السوري بكامل التحركات الدولية».
وقد تم أيضاً تهيئة الظروف الدولية من خلال اتصالات مكثفة أجراها الجانب الأميركي مع مختلف الدول اضافة للاجتماع الذي عقد في الاردن منذ يومين والذي ضم قادة عشرة جيوش منها بريطانيا وفرنسا والسعودية وامريكا والذي جرى التكتم على نتائجه بشكل غير مسبوق.
وقد صدر بالأمس عن الجامعة العربية بعد جلستها الطارئة بيان حمّلت فيه الجامعة دمشق المسؤولية التامة عن الهجوم المفترض بالسلاح الكيماوي في ريف دمشق الاسبوع الماضي وعبّر مجلس الجامعة عن «إدانته واستنكاره الشديدين للجريمة البشعة التي ارتكبت باستخدام الأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا « وطالبت الجامعة «بتقديم المتورطين كافة عن هذه الجريمة النكراء لمحاكمات دولية عادلة « حسب ما جاء في البيان وقد حظي البيان بدعم قوي من السعودية وقطر.
أما عن الرد السوري فكيف سيكون؟. المعلم قال «إن هناك خياربن وحيدين للرد اما الاستسلام والخنوع أو الرد والدفاع» وأضاف « نفضل الضربة العسكرية على محاولات الابتزاز الأميركية « معتبراً أن «واشنطن نسفت مؤتمر جنيف 2».
وتابع قائلاً «لا أريد أن أجزم إطلاقاً بحرب أميركية على سورية وفي حال حصلت الضربة أمامنا خياران سندافع عن أنفسنا بالوسائل المتاحة وسنفاجئ العالم» موضحاً أن الضربة لن تؤثرعلى الجهد العسكري الجاري حالياً في الغوطة» إذا العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري مستمرة برغم التهديدات الغربية وستزداد زخماً اذا ما حصلت الضربة وذلك لمنع المسلحين من استغلال الغارات الغربية على المناطق السورية لدخول العاصمة دمشق وقد أكد الوزير المعلم أن هذه الضربة العسكرية ستأتي رداً على انتصارات الجيش السوري في معركة الغوطة الهامة.
وقد ذكرت مصادر مطلعة للبناء أن الرد السوري على أي عمل عسكري محتمل سيتلاءم مع الفعل الغربي وسيكون رد الفعل السوري مدروس ومحدد وسيقتصر على الدفاع واسقاط الصواريخ المعادية التي ستستهدف مقرات السيطرة والتحكم العسكرية وبعض الوحدات الصاروخية حول العاصمة دمشق حسب التقديرات الأخيرة.

السابق
فياض: جنيف 2 ليس ناضجا بعد
التالي
الوحش الذي استيقظ فينا