لبنان الرسمي في غيبــوبة

العالم كله في واد ولبنان الرسمي السياسي في واد آخر. فجأة استفاق أهل السلطة على أن الضربة على سوريا آتية، لكن اجتراح الحلول لمعالجة تداعياتها على لبنان لا يبدو من مهمتهم
ينشغل العالم بالضربة على سوريا، ويغيب لبنان الرسمي، كالعادة، عن حدث بهذا الحجم، فيما يستمر المتابعون للوضع السوري منذ اشهر برصد ارتدادات الضربة المحتملة، على دول الجوار، ومنها الخاصرة الرخوة، واسمها لبنان.
اليوم لم يعد الخطر المتوقع نوع الضربة العسكرية، في ضوء ما كشف من معلومات حول نوعيتها وأهدافها، ولا سيما ان الاعلام الدولي تعامل معها وكأنها وقعت فعلاً، بل يكمن الخطر في المفاجآت التي قد تنتج من هذا التحول الكبير في مسار الحرب السورية. ويكمن ايضاً في المعلومات التي رافقت الحديث عنها وتسربت في تقارير عسكرية وامنية وصلت الى اختصاصيين ومراجع معنية قبل اسابيع، فيما كان بعض المسؤولين يمضون اجازاتهم في الخارج، او ينشغلون بنوع جنس الملائكة والحكومة. يضاف الى ذلك المخاوف من نوعية ارتدادات الضربة على لبنان اذا ما تدحرج الوضع السوري بعد حصولها.
قبل اسابيع اذاً، بدأت تتكشف معلومات عن اقتراب الساعة الصفر للقيام بعمل اميركي ضد سوريا، في ظل نقاشات حول نوع التدخل وهل يمكن ان يكون محصوراً بضربة موجعة، ام تدخلا عسكريا ميدانيا على الارض. ومع رفض الاميركيين القاطع للتدخل العسكري لجنودهم، جرى البحث في خطة تجمع بين التحركين، اي ضربة عسكرية محددة الاهداف، في موازاة تحرك على الارض لمجموعات سورية معارضة مدرّبة غربيا في دول مجاورة على ايدي خبراء غربيين. لكن الاميركيين ظلوا منحازين الى خيار الضربة النوعية. وتورد هذه التقارير تفاصيل ميدانية عن انواع الاسلحة التي ستعتمد وامكنة توزع القطع الحربية في دول المنطقة. ولأن اي خطة تحتاج الى نقطة انطلاق، جاءت مجزرة الغوطة كحلقة كسرت المحظور دولياً، لتكون الشرارة التي اطلقت حملة اوروبية واميركية لبدء العمليات.
وحتى مساء امس، كانت معلومات غربية وردت الى مصادر لبنانية رفيعة المستوى تتحدث عن ضربة اميركية تأديبية للنظام السوري، وليس عمليات ميدانية مفتوحة الامد، «بعدما تجاوز النظام السوري الخط الاحمر باستخدامه السلاح الكيميائي، لانه يعتبر خرقا للمفاهيم الاخلاقية والمبادئ الدولية ولا سيما ان واشنطن تملك ادلة دامغة على استخدام النظام لهذه الاسلحة». لكن المعلومات تتحدث، ايضاً، عن محدودية الضربة وعدم استخدامها لتغيير موازين القوى بين طرفي النظام والمعارضة. وفي هذا الاطار تشير تقارير عسكرية غربية الى ان واشنطن لا ترغب في توسيع رقعة عملياتها، لأسباب تتعلق برفضها تورط جنودها، ولاسباب عملانية ايضا نظرا الى خشيتها من انهيار محتمل سريع للنظام السوري في غياب اي مظلة سياسية واقية، ما يؤثر في بنية الدولة السورية وانهيار الجيش، والاهم وضع الجبهات المتطرفة يدها على الاسلحة النوعية.
لكن مشكلة عملية عسكرية من هذا النوع ان بدايتها معروفة، غير أن أحداً لا يعرف بطبيعة الحال ما هي نتائجها، ولا سيما في ضوء تأكيد تقارير غربية ان دول الخليج، وفي مقدمها السعودية، تضغط في شكل قوي لتوسيع رقعة الضربة واطارها لتكون ضربة حاسمة للنظام. من هنا الخشية من الافادة من هذا العمل العسكري من جانب بعض الاطراف المتورطين في الحرب السورية لتعزيز اوضاع المعارضة السورية في المناطق التي تسيطر عليها، وخصوصاً حول دمشق، وقد اشار وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمره الصحافي اليها.

السابق
تعيين محمد باقر نوبخت ناطقا باسم الحكومة الايرانية
التالي
بان كي مون: مفتشو الأمم المتحدة في سوريا بحاجة الى وقت للقيام بعملهم