سورية: صواريخ كروز الأميركية “آتية لامحالة”؟

صواريخ كروز

– I –

الرد الأميركي( والبريطاني- الفرنسي) على الهجوم الكيميائي على منطقة الغوطة الشرقية السورية، بات محتما تقريباً، بعد أن أصبح من الصعب للغاية على الرئيس أوباما التسويف أو التلطي وراء تبريرات الأدلة والشواهد.

فالادلة موجودة باعتراف النظام السوري وحليفه الروسي، على رغم أنهما يتهمان المعارضة المسلحة السورية بارتكاب هذه المذبحة الكيميائية. والشواهد أكثر مما تعد، وكان آخرها رفض الحكومة السورية السماح للمفتشين الدوليين على الأسلحة الكيميائية بالتوجه إلى الغوطة، التي لاتبعد عن مقرهم في دمشق سوى دقائق معدودات بالسيارة.

وفوق هذا وذاك، جاء الموقف الذي أعلنه الرئيس الأيراني الجديد روحاني، والذي لم يتهم (على عكس الخارجية الإيرانية) المعارضة السورية بارتكاب جريمة الحرب الكيميائية هذه، ليكشف عن وجود تيار داخل السلطة الإيرانية يعترف ضمناً بمسؤولية النظام السوري عنها (الجريمة)، ويشعر بالحرج لمجرد محاولة تغطيتها أو التمويه عليها.

– II –

أوباما، إذا، لن يستطيع هذه المرة “الفرار”، كما فعل في المرات الثلاث الأخرى التي استخدم فيها النظام السوري الكيميائيات على نطاق ضيق (كاختبار أولي للخطوط الحمر الأميركية)، حين عمد إلى التسويف وطلب “الحقائق الدامغة”. فبحر الأدلة، كما أشرنا أمامه، والعدو الجمهوري وحتى داخل حزبه الديمقراطي لن يتركه يهرب مجدداً من ميدان المعركة.

لكن، كيف سيأتي الرد الأميركي- الغربي المحتمل؟

السيناريوهات هنا تبدو محدودة للغايةـ وتكاد تقتصر على سيناريوهين. وسنقول بعد قليل لماذا.

السيناريو الأول يتضمن قصف مواقع الصواريخ والمدفعية الكيميائية، ومراكز القيادة والتحكم العسكرية السورية، بصواريخ كروز وتوما هوك إنطلاقاً من السفن الحربية الأربع التي تقترب هذه اللحظات من السواحل السورية. وهذا السيناريو لايستبعد إضافة عامل الطائرات القاذفة، التي تُطلق حمولتها عن بعد خارج نطاق المجال الجوي السوري المحروس من شبكة الصواريخ الروسية المضادة للطائرات، إلى حملة صواريخ كروز لضمان تحقيق نتائج تدميرية مؤكدة.

والثانس، تجنّب العمل العسكري المباشر في هذه المرحلة، واستبداله بتزويد الفصائل المعتدلة في المعارضة السورية بصواريخ متطورة مضادة للطائرات والدبابات. هذا علاوة على البحث في إمكان قيام قوات خاصة دولية- عربية بغارات كوماندوس في العمق السوري للسيطرة على الأسلحة الكيميائية، انطلاقاً من الأراضي الأردنية والتركية.

أي من هذه السيناريوهن هو الأرجح؟

سيناريو الكروز على الأرجح.

لماذا؟

لسببين: الأول، أن إدارة أوباما لاتريد العمل على إسقاط النظام السوري (كما حدث في ليبيا)، ولاتعديل موازين القوى العسكرية على الأرض السورية، بل مجرد معاقبة النظام على خرقه للخطوط الحمر الكيميائية. لكن في حال لم يفهم هذه الأخير فحوى هذه الرسالة الصاروخية، فسيكون السيناريو الآخر جاهز للعمل. والهدف في كلا الحالين هو دفع النظام إلى مؤتمر جنيف-2.

والثاني، هو أن أوباما لايزال مصراً على نفض اليد من كل قضايا الشرق الأوسط. وهو لايريد من توجيه هذه الضربة المحدودة سوى تأكيد صدقية الدولة العظمى الوحيدة بكونها حامية وراعية الأمن الدولي، علاوة على حماية أمن إسرائيل من خلال منع تحوّل السلاح الكيميائي إلى سلاح “عادي”.

– III –

لكن، هل سيكون في مقدور أوباما أن يفلت من التورط في الأزمة السورية بعد الضربة الصاروخية، مُطبقاً مبدأ “أضرب وأهرب”؟

نعم، إذا ما فهم النظام السوري هذه الرسالة الصاروخية والتزم بعدم تكرار مغامراته الدموية. ولا، إذا ما قرر هذا النظام أنه مجبر على استخدام أسلحة الدمار الشامل حتى ولو تعرض إلى مزيد من الضربات كي يمنع تقدُم قوات المعارضة نحو دمشق. وهذا مايبدو أنه حدث في الغوطة، حيث ذكرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية أن الهجوم الكيميائي، استهدف منع قوات جديدة دربتها الولايات المتحدة والأردن من الزحف على دمشق.

الأمر، إذا، رهن بطبيعة رد فعل النظام السوري على الضربة الآتية. لكن، وكيفما جرت الأمور، لن تكون الأزمة السورية بعد الضربة المتوقعة كما كانت قبلها، لادولياً، ولا إقليمياً، ولا محليا، ولاربما حتى داخل النخبة العسكرية السورية

الحاكمة.

السابق
هيغل : جاهزون لتنفيذ الخيارات العسكرية في سوريا
التالي
الحياة: حكومة الوحدة لن ترى النور قبل خروج حزب الله من سوريا