وحش تكفيري يغذّيه وحش أميركي

الجريمة في الولايات المتحدة الأميركية إن جماعية أو فردية عسكرية أو مدنية لا تشبه أيّ جريمة أخرى في العالم ليس في وحشيّتها فحسب بل في «مزاجها» الخاص والفريد الذي لم ترَ البشرية مثله ولم تسمع. بالأمس مثلاً أقدم ثلاثة مراهقين أميركيين في أوكلاهوما تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً على قتل عدّاء شاب 22 عاماً لا يعرفونه البتّة ولم يروه من قبل! واحزروا فقط لمَ قتلوه؟ لأنهم كانوا ببساطة شديدة يشعرون… بالملل! لا جريمة في العالم كلّه ترتكب بدافع الملل أو الضجر إلاّ في الولايات المتحدة الأميركية أرض الغرائب والعجائب بل أرض الجريمة الموصوفة منذ مجزرة الهنود الحمر التي أودت بعشرات الملايين منهم في الإبادة الجماعية ألم يقل السينمائيّ الأميركيّ الكبير من أصل إيطاليّ مارتن سكورسيزي لمناسبة تقديم فيلمه «عصابات نيويورك»: «إن أمّتنا الأميركية أُسست على القتل»؟! إلى مجزرة غزو العراق على يد المعتوه الذي يخاطب الله مباشرة جورج دبليو بوش مروراً بفظاعات فيتنام ومأساتي هيروشيما وناغازاكي بفعل القنبلتين النوويتين اليتيمتين في تاريخ البشرية واللتين تجرّأت الدولة المجرمة المارقة على إلقائهما بذريعة إنهاء الحرب وحسمها. كذلك لم تشهد المجتمعات على مرّ التاريخ ظاهرة إقدام تلاميذ في عمر المراهقة أو مطلع الشباب على ارتكاب مجزرة جماعية في المدارس أشهرها كولومباين وللاطلاع على تفاصيلها الدقيقة أنصح كثيراً بمشاهدة فيلم الهجّاء الأميركي الشجاع لمجتمعه المريض مايكل مور أو في صالات السينما كما حصل قبل نحو سنة حين رمى «بسايكوباتي» شاب بسلاحه الأوتوماتيكيّ جمهور الصالة حيث كان يُعرض فيلم «باتمان» فأردى العشرات! مع الإشارة هنا إلى انفراد الولايات المتحدة الأميركية في تشريع اقتناء السلاح الفردي الذي يباع في المتاجر كأيّ سلعة تجارية عادية!
أفراد المجتمع الأميركيّ في غالبيتهم الساحقة مع استثناءات ضئيلة نسبياً قياساً بعدد السكان هم إمّا معتوهون أو عنصريّون أو متعصّبون دينيّاً بغباء أو بسايكوباتيون عصابيّون ومختلّون نفسيّاً أو شديدو الجهل والغباء والسذاجة لا يفقهون شيئاً من قضايا العالم خارج إطارهم الأميركي. مع التأكيد على وجود نخبة مثقفة من أكاديميين نعوم تشومسكي نموذجاً وكتّاب وسينمائيين مثل أوليفر ستون الاتّهامي الأعنف والمعرّي حقيقة أميركا في أفلامه ومواطنين عاديين قلّة يعون حقيقة مجتمعهم وآفاته الكثيرة والوحشية الطاغية فيه وأدواره وتدخلاته المجرمة في العالم الشرق الأوسط أولاً وتحديداً لوجود الربيبة الحبيبة «إسرائيل» بيد أن هذه القلّة الأميركية المتنورة والواعية وذات الحسّ الإنساني والمنتقدة الواقع الداخلي والدور الخارجيّ للولايات المتحدة صوتها خافت بلا تأثير ويا للأسف فلا تُسمع إلاّ أصوات المجموعات المعتوهة والعصابية والشوفينية والموتورة والجاهلة التي نراها عند كل استحقاق انتخابيّ استعراضيّ تحتشد في الملاعب الكبرى للمبايعة و«الهيصة» المرتفعة ورفع الصور والشعارات كأننا حقاً في مباريات رياضية لا في منافسات انتخابية لا تختلف بشيء يذكر بين «ديمقراطي» و«جمهوري» الوجهين القبيحين المجرمين المتصهينين حتى النخاع لعملة أميركية واحدة قذرة.
وحشيّة أميركية في ثوب الحداثة والتقدّم التكنولوجيّ هناك ما وراء المحيطات تصدّر جرائمها إلى خارج الحدود ولا تدع شعباً أو منطقة في العالم إلاّ تعدّ لهما المؤامرات. تقابلها وحشية «إسلامويّة» تكفيرية طالعة علينا من كهوف التاريخ البدائي بل من مراحل ما قبل التاريخ شكلاً ومضموناً تقطع الرؤوس وتبقر البطون وتلتهم الأكباد والقلوب وتسحل الأبدان وتعدم في الميدان على وقع «التكبير» لإله يستحيل… يستحيل… يستحيل أن يقبل بأفعالها الهمجيّة الظلاميّة المرعبة أو يباركها فمن لا يحبّ الإنسان كيف يحبّ الله؟ ومن لا يرأف بالمخلوق كيف يعبد الخالق؟ ومَنْ لا يفقه الدين رسالة رحمة وتسامح وخير وإنسانية هو مشتبه وضالّ وجاهل فلا صورة يمكن أن تُعطى لله عزّ وجلّ إلا صورة الإله الرحمن الرحوم المحبّ للبشر والغافر الخطايا والديان الوحيد في الدنيا والآخرة الآن وفي يوم القيامة. أما هؤلاء الوحوش بأشكال بشرية فينصبّون أنفسهم ولم ينصّبهم الله بالتأكيد ديّانين على البشر مكفّرين لهم أو غير مكفّرين على نحو ما فعلت محاكم التفتيش المسيحية في قرون الظلام الوسطى لدى قيامها بفعل التكفير واتهام أفراد بالهرطقة والإلحاد وحرقهم أحياء مثل جاندارك وعشرات الألوف ممن قضوا ضحية عقل دينيّ ظلاميّ مشابه.

السابق
وفاة طفل علق في مصعد بناية
التالي
عاريات تتظاهر إعتراضاً على براءة مبارك