بالتأكيد انها حرب قذرة

كتبت احدى الزميلات على صفحة الفيسبوك، ليس هناك حربا قذرة وحرب غير قذرة، كل الحروب قذرة . كتبت عبارتها هذه قبل ان تقع مجزرة الغوطة يوم امس الاربعاء، والتي ادت الى مقتل اكثر من الف وثلاثماية سوري وجرح الالاف من مختلف الاعمار بالغازات السامة. المجتمع الدولي وقف متفرجاً، العالم ينظر الى هذه المجزرة من زاوية واحدة فقط، هل تؤثر على مصالحنا؟ هل يمكن ان تتسبب باثار سلبية علينا؟ ليس المهم ان هناك من تجرأ وقرر ابادة مدنيين سوريين، المهم امننا نحن وحياتنا نحن، اما القوانيين الدولية، وحقوق الانسان، فهذه لا يمكن ان تتقدم على مصالح الدول، مهما انتهكت .
عذرا ايها الزميلة هذه من معالم الحرب القذرة، لنكن صرحاء، كان العدو ارحم على المواطنين السوريين، بل كان ارحم في كل حروبه العدوانية التي بدأها في فلسطين وتلتها حروب على ما يسمى دول الطوق. لقد خاض العدو وخضنا ضده حروب متعددة، لكنها امام ما يقوم به النظام السوري من ابتداع وسائل الاجرام من تدمير وقتل وصولا الى الكيماوي، هي الحرب القذرة بعينها. هكذا فعلها امين عام حزب البعث العراقي صدام حسين في حلبجة في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، ويفعلها اليوم امين عام حزب البعث السوري بشار الاسد في ريف دمشق.
اسلحة كيماوية لم يستخدمها الرجلان ضد الخارج ، لا استخدمها صدام حسين في حربه على ايران، وبالتأكيد لم يستخدمها ضد اسرائيل، بل استخدمها ضد فئة من شعبه. اما الاسد فحدث ولا حرج، كان يتلقى الصفعة تلو الاخرى من اسرائيل ثم يحتفظ بحق الرد، لم يطلق صاروخا على اسرائيل. انهما نموذجان لقائدي الحرب القذرة ضد الشعب، هذا ما قدماه لنا البعثي الاول في سوريا والبعثي الاول في العراق،
بالتأكيد لا يعني عرض هذه المفارقة القاتلة، الموافقة على استخدام هذا السلاح المحرم دوليا ضد العدو الاسرائيلي، هذا السلاح مرفوض استخدامه ضد اي انسان بالمطلق.

والحرب القذرة لها عناصرها ومتمماتها: الصمت واماتة الحسّ الانساني، ومحاولات التبرير للقاتل  واخفاء الحقائق . ببساطة المشاركة بالجريمة عبر حماية المجرم، هذا ما حصل مع نظام صدام حسين الذي ظلّ العالمين الغربي والعربي ساكتاً على جريمته، وهذا ما يبدو انه يتكرر اليوم مع نظام الاسد، السياسات الغربية اليوم تنصت الى ما تقوله اسرائيل، فاسرائيل وحدها تقرر ان كانت هذه الجريمة تتطلب رداً دوليا على مستوى الجريمة، ام لا.

في لبنان قوى ٨ اذار عموما لم تهزها الجريمة، صمت مريب لا بل مريع حيال هذه المجزرة، وبعد مرور ٢٤ ساعة على المذبحة التي ذهب ضحيتها الالاف، لا تجد الادانة ولا التعزية بالضحايا المدنيين مكانا لها في بيان كتلة الوفاء للمقاومة، ولا حتى استنكارا لاستخدام الاسلحة الكيماوية. عندما يصل الامر الى هذا الحد من التغطية على الجريمة حينها يمكن وصف هذه الحرب بالحرب القذرة .

السابق
الفرزلي: ميقاتي من الأسباب التي أدّت لفقدان القرار المحلي
التالي
قناة إسرائيل الثانية: ترجيح وقوف الجهاد العالمي خلف إطلاق الصواريخ