حرب على المعايير الأساسية المشتركة للمناهج

أقدر بحق الجهود التي يبذلها متخصصو العلوم السياسية والمثقفون لفهم الحزب الجمهوري الحالي. ثمة فضيلة فكرية في البحث عن حوادث تاريخية سابقة وأسس فلسفية.

أفهم الدافع لأخذ ما لا يبدو لرجل علماني أكثر من روح وضيعة أو فوضى من التناقضات وإطلاق اسم عليها (الليبرالية الجديدة! أو إحياء الروح الدينية. لكنني أعتقد أن الحاكم بوبي جيندال، النجم الجمهوري الساطع في لويزيانا، كان محقا حينما قال إن حزبه كان معرضا لخطر أن يصبح «الحزب الغبي» فقط لا غير.

تتمثل حالة في صلب الموضوع في الحركة المزدهرة لوأد ما يعتبر أخطر إصلاح تعليمي في حياتنا.

إنني أتحدث عن مشروع «المعايير الأساسية المشتركة» وهو مشروع تبنته عدة ولايات لرفع معايير المدارس الحكومية على مستوى الدولة.

ظهر المشروع، وهو عبارة عن مخطط لصف دراسي تلو الآخر لما يجب أن يعلمه الأطفال ليكونوا مؤهلين للالتحاق بالكليات وشغل الوظائف، لأول مرة في عام 2010، وتبنته 45 دولة. وسوف يتبع في العام الدراسي 2014 – 2015 باختبارات معيارية جديدة تسعى لتقييم ما هو أكثر من القدرة على حشو الرأس بالحقائق أو الإلمام بحيل خوض الاختبارات. (طرحت بعض الولايات، من بينها نيويورك، صورا أولية من الاختبارات الأصعب هذا العام).

تعتبر هذه مهمة طموحة، وهناك مساحة كبيرة للجدال بشأن كيفية ترجمة هذه المعايير على وجه الدقة داخل الفصول الدراسية. غير أن مبادرة المعايير الأساسية المشتركة قد نشأت بإجماع عام غير حزبي من قبل المعلمين، انطلاقا من قناعة مفادها أنه بعد عقود من الهبوط المحبط في التعليم K – 12، كان لزاما على الدولة أن تجمع على وسيلة لمساءلة مدارسنا الحكومية. وهذا ما فعلته لفترة.

بدأ رد الفعل العدائي بقليل من المشتبه بهم المعتادين من تيار اليمين. حذر غلين بيك من أنه في ظل «هذا التهديد الغادر لأطفالنا وأسرنا»، فإن الطلاب قد «يلقنون آيديولوجية يسارية متطرفة».

(يبدو أن بيك يعتقد أيضا أن الخطة تطالب بتزويد الأطفال بعصابات معصم حيوية وكاميرات صغيرة، بحيث يمكن مراقبتهم طوال الوقت للاستغلال من قبل الشركات).

وحذرت ميشيل مالكين، من احتمال أن تكون مبادرة المعايير الأساسية المشتركة «مرتبطة بالسيطرة من أعلى لأسفل المهيكلة عبر اختبارات تديرها الحكومة واحتكارات الكتب المدرسية من قبل اليسار».

قبل وقت طويل، انضم إلى القضية منظمة «فريدوم ووركس» – نتاج أموال الأخوة كوتش وشغف حزب الشاي – ومشروع المبادئ الأميركية، وهو جماعة ضغط يمينية متشددة. لقد حشد المعارضون أعضاء حزب الشاي من أجل التنقل في عواصم الولايات وأشعلوا هذا الموضوع المعقد بشعار واضح هو «معايير أوباما الأساسية!».

ثمة منتقدون لمبادرة المبادئ الأساسية المشتركة من تيار اليسار بالمثل، ممن يشيرون إلى أن حركة المساءلة تجعل المعلمين كبش فداء للمشكلات التي يسببها الفقر بالأساس.

ومثلما أشار أحد المعلمين: «تكمن المشكلة مع الاختبارات الوطنية في أن المحافظين يكرهون الوطنيين والليبراليون يكرهون الاختبارات». قد تزيد حالة القلق من برنامج المعايير الأساسية المشتركة عندما تكتشف الولايات، مثلما اكتشفت نيويورك هذا الشهر، أن الاختبارات الأكثر صعوبة تجعل مدارسهم تبدو سيئة. لكن يأتي العداء ضد المعايير في الأغلب من اليمين.

كان جانب من هذا حتميا. فالسيطرة المحلية على المدارس الحكومية، بما في ذلك الحق المقدس في إبقائها جدباء وغير فاعلة، تعتبر مبدأ أساسيا في قانون المحافظين. وفي يوم سابق، كان جمهوريون أكثر عمقا في التفكير – أفراد قرأوا بالفعل المبادئ الأساسية المشتركة وفهموا أن فكرة ابتزاز أو تهديد فيدرالي كانت بعبعا – ليضعوا الأسس العليا ضد الجماعات صاحبة الآراء المتطرفة.

ما زال هؤلاء المحافظون موجودين. لقد دافع ويليام بنيت، وزير التعليم في حكومة الرئيس ريغان والذي يعتبر الآن رجلا شجاعا بإذاعة تيار اليمين، عن المعايير الأساسية المشتركة. وبالمثل فعل مايك هوكابي، الحاكم السابق لولاية أركنساس الذي يعتبر من الشخصيات المفضلة للمحافظين. لقد أيد كثير من حكام الولايات الجمهوريين (من بينهم جيندال، مع أنه يبدو أنه يتأرجح) المعايير الأساسية المشتركة. وقد نشرت مراكز بحثية تنحو إلى تيار المحافظين، مثل معهد مانهاتن ومعهد فوردهام، آراء حصيفة وعقلانية بشأن المعايير.

غير أن الحزب الجمهوري يعيش الآن في حالة رعب من قاعدته، الصاخبة جدا، والمصابة بجنون الشك والارتياب في الأغلب، الممثلة في جمهور شعاره: «إذا كان هذا الاشتراكي المقيم داخل البيت الأبيض مؤيدا لها، فأنا ضدها».

في أبريل (نيسان)، استسلمت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري للمعارضة وحثت الولايات على التخلي عن مشروع المعايير الأساسية المشتركة.

وفي محاولة لتهدئة روع المحافظين الغاضبين من موقفه المعتدل بشأن قضية الهجرة، تخلى ماركو روبيو، الذي يطمح في تولي منصب الرئاسة، عن دعمه للمعايير. وفي الولايات الجمهورية، تجري الجهود الرامية إلى التنصل من المشروع أو سحب التمويل المقدم له مجراها. علقت ولاية إنديانا تنفيذ مشروع المعايير الأساسية المشتركة. أما تشريع ولاية ميتشيغان، فقد قلص الأموال الموجهة لتطبيق المعايير ويفكر الآن في سحبها بأكملها. في الشهر الماضي، انسحبت ولاية جورجيا من تجمع ضم 22 ولاية، إحدى مجموعتين تقومان بتصميم اختبارات مرتبطة بالمعايير الجديدة، ظاهريا بسبب التكاليف.

(من المتوقع أن تقدر تكلفة الاختبارات الجديدة بنحو 29 دولارا لكل طالب؛ إن تصنيفها يعتبر أكثر استنزافا للعمالة، لأنه إضافة إلى أسئلة الاختيار من متعدد، تتضمن مقالات مكتوبة ومشكلات رياضية سيتم تصنيفها من قبل أناس فعليين». يقول مايكل بيتريلي من معهد فوردهام: «نحن نتحدث عن مبلغ 30 دولارا لكل طفل، في نظام تعليمي ينفق الآن زهاء 9 آلاف أو 10 آلاف دولار لكل طالب سنويا».

السابق
تشييع ضحيتين في الغسانية والطيبة
التالي
قبلان: لدعم الجيش في محاربة البؤر الامنية