إميل لحود

يعرف الناس بطبيعتهم كيف يميّزون «الزلمة» بين الرجال. صفاته ليست في حاجة الى قاموس. ببساطة، هي نقيض «النذل». وفي بلادنا، يوجد من الصنفين.

«الزلمة» هو الذي يقول ما يضمر، ولا يكون عبداً لمرجعية أو جهة أو شخص. هو الذي يعرف الحقيقة كما هي، لا مداورة ولا محاباة. هو الذي يعرف كيف يكون قريباً من الناس حقيقة، لا تزويراً.

«الزلمة» هو الذي يعرف التاريخ. لا يحتاج بالضرورة الى أساتذة وفلاسفة، والى مثقفين، ثوريين أو ليبراليين، وهو الذي يعرف كيف يُشعر الناس بالطمأنينة من دون الحاجة الى بصّاصين ومخبرين وملفّقي تقارير.

«الزلمة» هو الذي يعرف كيف يضع للآخرين حدوداً، أصدقاء أو أعداءً أو محايدين. وهو الذي يعرف كيف يضرب على الطاولة عندما يشعر بوجود إهانة له أو لشعبه.

«الزلمة» هو الذي ينتزع حقه بجهده، لا بعضلات الآخرين، وهو الذي يعرف حدوده، فلا يتطوع لما لا يعرف به، ويترك الناس تقوم بما عليها أن تقوم به، ويطالبها إن قصّرت، ويحيّيها متى نجحت.

«الزلمة» هو الذي نظر إلى أي إنسان أمامه من دون حاجته الى ورقة تبيّن له طائفته ومذهبه وهواه السياسي.

«الزلمة» هو الذي يشتمه السارقون، والحاقدون، والطائفيون، والمجرمون، والفاسدون.

«الزلمة» هو الذي يهاجمه الأنذال، والصغار، والمرتشون، وسارقو المال العام والخاص، والانتهازيون وصيّادو الفرص.

«الزلمة»هو الذي يحبه شعبه ولا يخشاه، بينما يكرهه أعداء البلد، ولا يحبه المتآمرون والخونة والعملاء.

«الزلمة» هو الذي لا يحتاج الى من يدفعه لقول كلمة الحق، والذي لا ينتظر إذناً ليمنع فجوراً أو خيانة، ولا يترصد شكراً أو جائزة لواجب قام به.

«الزلمة» هو الذي يعرف الناس أنه ولد طاهراً، وعاش في الحقل العام طاهراً، ويستمر في حياته طاهراً الى يوم الدين.

في لبنان، حشد من الأنذال، يتناوبون على البلاد اغتصاباً منذ ولدوا أو نُصّبوا أمراء حرب وقطّاع طرق. وفي لبنان قلة من «الزلم» الذين تلاحقهم ماكينات الحقد المموّلة من كل مجرمي العالم، ومتخلفي الحكومات في دول العمالة والخنوع.

من بين «زلم» لبنان، الذين وجب حفظ إرثهم، وتذكّرهم بكل الحب والودّ والامتنان، رجل… رجل!

إميل لحود… حفظك الله!

السابق
اسرائيل شر ..لكن ماذا عن نحن؟
التالي
18ساعة لإنشاء حساب مصرفي!