لهذا يرفض حزب الله إستبعاده حكومياً

يشعر «حزب الله» من خلال كلّ ما يتعرّض له من حملات وهجمات أنّه مستهدف، ويُراد محاصرته لتقويضه، وربّما الإجهاز عليه، عقاباً له على تحدّيه الدائم لإسرائيل وإلحاقه الهزائم بها منذ العام 2000 حيث دحر احتلالها عن الأراضي اللبنانية، مروراً بحرب تموز 2006 وصولاً إلى القرار الأوروبي الأخير بوضعه على «لائحة الإرهاب»، والدعوات إلى استبعاده عن المشاركة في الحكومة الجديدة.
وفي ضوء هذه المعطيات والوقائع، يقول المطلعون على موقف حزب الله، إنه يتعاطى مع الأوضاع الداخلية والأزمة السورية، ويواجه الحملة المحلية والإقليمية والدولية الهادفة الى الإجهاز عليه، ويتوقع تصاعدها في قابل الأيام والأسابيع والأشهر، خصوصاً بعد إسقاط حكم “الإخوان المسلمين” في مصر، والذي كانت لبعض دول الخليج العربي اليد الطولى فيه.

وحسب هؤلاء المطلعين، فإنّ حزب الله يتوقع إقدام الدول الخليجية، بطريقة ما، وفي هذه المرحلة، على تصعيد الحملة المحلية والاقليمية والدولية ضده، حتى لو اضطرّ الأمر بالقيّمين عليها، الى محاولة “الدخول أمنيّاً” في “مساومة ما من تحت الطاولة” مع النظام السوري على حسابه، ولكنّ الحزب لديه إقتناع ويقين بأنّ القيادة السورية لا يمكنها التفريط به، خصوصاً بعد الارتياح الذي تعيشه منذ معركة القصير التي تدخّل فيها الحزب بقوّة، وفي ضوء ما تحقّقه منذ تلك المعركة من إنجازات ميدانية في مواجهة قوى المعارضة المسلّحة.

وفي إطار مواجهة الحملة المتصاعدة هذه، يصرّ “حزب الله” ويتمسّك بالمشاركة في الحكومة الجديدة وفق الأحجام التمثيلية في مجلس النواب، ويرفض أيّ تشكيلات وزارية تحمل عنوان “الحيادية” أو “الأمر واقع” لأنّه يعتبر أنّ من يطرح استبعاده عن هذه الحكومة، وفي هذه المرحلة بالذات، إنّما يشارك في الحملة التي تستهدف وجوده كمقاومة وكمكوّن سياسي أساسي في الحياة السياسية اللبنانية.

ويقول المطلعون على موقف الحزب إنّه أعدّ سيناريوهات عدة للتعاطي مع أيّ تشكيلة وزارية يؤلّفها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيس المكلف تمّام سلام ولا تضمّ ممثلين له فيها، سواءٌ أكانت سياسية، أو حيادية أو “أمر واقع”.

فالحزب، حسب هؤلاء المطلعين، لن يقبل بحكومة لا يكون فيها التمثيل الشيعي وازناً، أيّاً كانت مواصفات الوزراء الشيعة وكفاياتهم، فإذا كانوا تكنوقراط وغير حزبيين سيطلب وحلفاءَه منهم الاستقالة فوراً، أمّا إذا كانوا من شيعة فريق 14 آذار فلن يُطلب منهم الاستقالة وهم لن يستقيلوا، لكنّ الحزب وحركة “أمل” وحلفاءَهما سيعتبرون هذه الحكومة “غير ميثاقية” لأنّ الوزراء الشيعة فيها، وربّما وزراء آخرين، لا يملكون حيثية تمثيلية فعلية في طوائفهم. وفي هذه الحال قد يكون متعذّراً مثول الحكومة أمام مجلس النواب لنيل ثقته، أخذاً بسابقات لم يجتمع فيها المجلس برئاسة الرئيس نبيه برّي لإقرار مشاريع قوانين لعدم توافر الميثاقية للحضور النيابي في الجلسة.

إلّا أنّه على رغم كلّ ذلك، يقول المطلعون على موقف حزب الله، إنّه لا يرى أنّ ولادة الحكومة الجديدة قريبة، ولكنّه في الوقت نفسه، يؤكّد أنّ فرص هذه الولادة ليست معدومة وإنّما دونها صعوبات كبيرة.

وفي المقابل يرشح من أوساط المعنيين بتأليف الحكومة ما يشير إلى وجود توجّه جدّي لتأليف حكومة 8 + 8+ 8، يتمثل فيها الجميع ولا يملك أيّ فريق “الثلث المعطل” فيها، وإذا تعذّر تأليفها، ستؤلّف حكومة تضمّ 24 وزيراً لا يكون بينهم أيّ أسماء استفزازية لأيّ فريق سياسي، وسِمتُهم الاستقلالية والتفرّغ لخدمة جميع اللبنانيين بعيداً من أيّ حزبية أو انحياز لأحد.

ويرى هؤلاء أنّ اعتراض حزب الله وحلفائه على أيّ أسماء في التشكيلة الوزارية المرتقبة تحت عنوان الميثاقية في التمثيل ربّما يستدرج اعتراضات لدى أطراف آخرين، ما يؤدّي الى تعذّر الولادة الحكومية.

ويرشح من هذه الأوساط ايضاً أنّ التشكيلة الوزارية قد تولد أواخر الشهر الجاري، ولكنّ المعنيين لم يفقدوا الأمل بعد من إمكان التوافق، في لحظة ما، على تشكيلة وزارية يقبل بها الجميع وتستطيع النفاذ إلى مجلس النواب لنيل ثقته، لأنّ حال البلاد السيئة باتت تستعجل تشكيلة كهذه أو غيرها. وفي هذا الإطار لن يُقدِم سلام على أيّ خطوة في هذا الاتجاه، في انتظار استكمال مشاوراته مع سليمان ورئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط الذي لمّح أخيراً إلى احتمال موافقته على حكومة التكنوقراط إذا ظلّ تأليف حكومة الوحدة الوطنية متعذّراً، وهو ينتظر ما سيحمله إليه نجله تيمور والوزير وائل أبو فاعور من المملكة العربية السعودية ليبني على الشيء مقتضاه.

أحد السياسيين لم يربط موقف جنبلاط بأيّ خلفيات تتصل بالأزمة السورية، وقال “إنّ جنبلاط أراد من إعلان هذا الموقف تحريك مياه التأليف الراكدة…”

السابق
ما يُبقينا على قيد الحياة
التالي
الحاجة حياة