المقاومة وبناء الدولة في إطار واحد..

خطا رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون خطوة إضافية على طريق افتراقه في الملفات الداخلية عن حلفائه في فريق 8 آذار.
سمّى الجنرال عون في حديثه الى برنامج «بلا حصانة» مساء أول من امس هؤلاء بـ «الحلفاء السابقين» وأشار إلى «أنّ البند الرابع من وثيقة التفاهم ينصّ على بناء الدولة وما من أحد أظهر دعماً كافياً لتطبيق هذا البند» ومشدّداً على «أنّه سيتابع مشروع الإصلاح وحيداً وعلى طريقته».
هذا الكلام لم يكن الأول لجنرال الرابية الذي يبعث بين الفينة والأخرى برسائل الى حليفه «الشيعي». وكان أعلن في وقت سابق على خلفية ملف المياومين في كهرباء لبنان ومن ثمّ التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي «أن كلّ شخص لديه طاقة وقدرة على الاحتمال وإذا تكرّرت الاختلافات ووصلت إلى مكان لا يُحتمل سيقوم بإعادة النظر. وهذه الإعادة إما تبقيه في مكانه أو تنقله ولكنها على الأرجح تنقله».
لا تقوَّم المسألة وفق مصادر مقربة من حزب الله لجهة أن الحزب يريد أو لا يريد بناء الدولة لأنّ المسألة تكمن في سؤال: هل نستطيع في الوقت الحالي بناء الدولة أو لا نستطيع في ظلّ الاصطفافات والانقسامات التي يعيشها لبنان والتي ولّدت الكثير من المعوقات التي منعت السير بهذا المطلب الرئيس في الوقت الحاضر.
يسعى حزب الله ويرغب وفق المصادر في إيجاد معادلة خلاقة تستفيد مما حققته المقاومة لبناء الدولة. المقاومة وبناء الدولة في إطار واحد. فالمقاومة أصبحت ثابتة أساسية وركيزة بناء الدولة بغضّ النظر عن افتعال فريق «14 آذار» التناقض بين المقاومة وبين بناء الدولة.
ويشير حزب الله الى أنّ ما يعيشه لبنان من فراغ في الحكومة الى مقاطعة فريق «14 آذار» الجلسات العامة للمجلس النيابي الى الحملة التي تشنّ على المؤسسة العسكرية ومحاولة ضرب الجيش يدلّ على انّ البلد مفتوح على سيناريوهات عدة ربما تكون فوضى دوحة جديدة طائفاً جديداً أو.. لا احد يعلم.
يرفض حزب الله بحسب الأجواء المقربة منه القول إنّ العلاقة بينه وبين التيار الوطني الحر مقطوعة بالكامل فهو يتصرّف على أساس أنّ العلاقة مع العماد عون طبيعية وتشير مصادره في هذا السياق الى انّ هذه العلاقة حيوية وضرورية للطرفين وللبلد بشكل أساس.
التباين موجود في بعض الملفات الداخلية التي يتفهّم الحزب موقف حليفه منها الا انّ هذا التباين يأتي نتاج ضرورات سياسية تفرض نفسها وعلى الرغم من كل ذلك فإن الوظائف الني قام عليها التحالف وتفاهم مار مخائيل الذي وصفه رئيس التيار بـ»السابق» لم تنتفِ بعد.
وإذا كان نواب التيار الوطني الحرّ يشنّون الهجوم تلو الآخر ويرمون السهام على حليفهم عند كلّ تقاطع يحصل مع فريق 8 آذار فإنّ العماد عون وبغضّ النظر عن موقفه من جملة قضايا داخلية أعلن أول من امس رفضه تأليف حكومة من دون حزب الله الذي لا يمكن حذفه محاولاً في الوقت نفسه تبرير دخوله الى سورية. وفي السياق تشير المصادر الى انّ ما يعني حزب الله في المواقف التي تطلق هو الموقف الاستراتيجي لجنرال الرابية لا تصريحات ومواقف نوابه التي تختلف أصلاً بين نائب وآخر وبين قيادي وآخر.
طبعاً يولي حزب الله الكثير من الاهتمام لإصلاح النظام السياسي في لبنان ولكن تحقيق هذا الأمر يتطلب اللحظة المؤاتية علماً أنّ المسار الراهن من عدم عمل المؤسسات هو تداع طبيعي للانقسامات المحلية والاقليمية وليس نتيجة سيناريو مخطط له.
وتؤكد الأجواء التي ترشح عن مقرّبين منه أنّ العماد عون سيجد نفسه وحيداً من دون التفاهم مع حزب الله إذ لا يمكن لطرف واحد أن يقوم بعملية الإصلاح التي تتطلب مناقشة اللحظة المؤاتية لذلك أي متى يحين ذلك وكيفيته.
وفي ظلّ هذه الانقسامات الاقليمية التي تزداد يوماً بعد يوم والتي انعكست محلياً لا يجد حزب الله الى جانبه فعلياً سوى حلفائه في الأحزاب العلمانية العقائدية والذين يؤمنون بأولوية مقاومة العدو «الإسرائيلي» ومَن يقف معه من قوى استعمارية ما انفكّت تسعى إلى تفتيت بلادنا للهيمنة على ما فيها من خيرات وموارد

السابق
بان كي مون: خبراء الاسلحة الكيميائية في سوريا قريبا
التالي
ما يُبقينا على قيد الحياة