من هو الطفل اللامبالي؟

وجه الرئيس الأميركي باراك اوباما نقداً غير تقليديّ لنظيره الروسي فلاديمير بوتين قائلا انه يبدو ‘كطفل غير مبال يجلس في آخر الصفّ’.
من الواضح ان باراك اوباما يحب البلاغة ويستخدم قدراته الخطابية الساخرة أحسن استخدام وهو أمر لا يتمتّع به بوتين الذي يوحي بفظاظة جهاز المخابرات الروسية الذي جاء منه الى الرئاسة.
لم تكن هذه المرّة الأولى التي يقوم فيها اوباما باستخدام تشبيهاته مع بوتين فقد سبق له أن وصف اسلوب الرئيس الروسي بطريقة لاعب الجودو مقارنة بأسلوبه هو كلاعب كرة سلّة.
والحقيقة اننا، سكّان هذه المنطقة المنكوبة المسمّاة العالم العربي، نستطيع الزعم اننا لم نر من السيّد اوباما سوى الخطابات التي بدأها بخطابه الشهير عام 2009 في القاهرة الذي وعد فيه العرب والمسلمين ببداية جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي واستخدم فيه نصّا من القرآن يقول (إتّقوا الله وقولوا قولاً سديداً) وذكّرنا بقصص تاريخية جميلة منها ان المغرب كان أول بلد يعترف بالولايات المتحدة الامريكية، وبحقائق مهمة مثل أن الاسلام جزء لا يتجزأ من اميركا وبتشبيه نضال الفلسطينيين بنضال السود في اميركا وغير ذلك من معطيات مفيدة ومهمة وحافزة للتفكير والعمل الايجابيين.
اعتبر هذا الخطاب فاتحة جديدة في العلاقات بين الولايات المتحدة الامريكية والعرب والمسلمين فما الذي حصل بعد ذلك؟
استمرت ‘الحرب على الارهاب’ التي وعدتنا ادارة اوباما بانهائها ولكن بطريقة الاغتيالات ‘الجراحية’ الممنهجة عبر الطائرات دون طيّار فزادت بذلك من عدد القتلى المدنيين الافغان او الباكستانيين او اليمنيين ودعّمت بذلك توسيع الحاضنة الشعبية لتنظيم القاعدة.
وفي عهد اوباما شهدنا مجازر هائلة ضد المسلمين الروهينجا في بورما ولم نر ردّ فعل أمريكيا يوقف سياسة الابادة الممنهجة تلك.
على الصعيد العربي ومنذ 2009 ورغم فوزه لدورة انتخابية رئاسية ثانية لم يقدّم اوباما شيئاً حقيقيا لما سمّاه ‘المصدر الرئيسي الثاني للتوتر’ في العالم العربي والاسلامي وهو الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. فرغم اعلان جون كيري استئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية يعلم الجميع ان اوباما غير قادر فعلياً على زحزحة التعنّت الاسرائيلي ومواجهة جذور المشكلة.
ولعلّ أكثر أشكال فشل اوباما وضوحاً وايلاماً هو الوضع في سوريا التي تشهد كارثة كبرى مستمرة منذ آذار (مارس) 2011 لأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تفعل غير تنفيذ الرغبة الاسرائيلية في الحفاظ على النظام للابقاء على الطرفين يتناحران حتى الموت. واذا أضفنا الى ذلك المشهد المرعب في العراق والذي تركه الأمريكيون نهبة لنظام طائفي فاسد وشعب يواجه الموت اليومي بالسيارات المفخخة فسنعرف حجم المسؤولية التي يتحملها اوباما.
بانسحابها التدريجي، وبترددها وتخاذلها، لم تفعل سياسة اوباما الخارجية التي ادّعت اختلافها عن سياسة الادارة الجمهورية السابقة برئاسة جورج بوش الابن غير تكريس ما أنجزته تلك الادارة السابقة، فقد تحالفت مع نظام نوري المالكي، وأدارت ظهرها للشعبين السوري والفلسطيني.
بعد فوزه المثير للعجب بجائزة نوبل للسلام، وانتخابه لدورة رئاسية جديدة، يبدو اوباما منشغلاً باكمال دورته الانتخابية الحالية بعيداً عن أية قرارات تاريخية صعبة في الموضوع الفلسطيني او باتخاذ موقف من المذابح العربية والاسلامية المستمرة.
على أي من الرئيسين ينطبق وصف عدم الاكتراث؟

السابق
الكرامة المصرية
التالي
مصيرنا في ايدينا