توزيع تركة الاسير

ما زالت تداعيات العملية العسكرية الأخيرة، التي جرت في 23 و24 حزيران 2013 في صيدا بين الجيش اللبناني ومجموعة الأسير، ترخي بظلالها على الوضع الصيداوي، وتدفع القوى السياسية المختلفة للاستفادة من التركة“.

تيار المستقبل يتصرف وكأنه الوصي على القاعدة الشعبية التي أصيبت باليتم نتيجة فرار الشيخ الأسير، ومعظمها، أصلاً كان منتمياً للاتجاه العام للتيار، ومضمون خطاب الأسير لا يختلف عن مضمون خطاب العديد من نواب وزعامات المستقبل. في حين أن الاختلاف يبرز في طريقة التعبير عن هذا المضمون وتوقيته وآلياته. لذلك يبدو أن تحركات التيار تصب في خانة إعادة استيعاب ما تم خسارته خلال العامين الفائتين من التحاق عدد من أعضاء التيار أو أبنائهم بحركة الشيخ، ويبرز ذلك من خلال متابعة أوضاع الموقوفين، وإقامة احتفال مكان الاشتباكات وغيرها.

وتنافس التيارات الإسلامية المختلفة وعلى رأسها الجماعة الإسلامية، تيار المستقبل في هذا المجال، وتسعى من خلال سلسلة أنشطة لإعادة كسب من خسرته خلال فترة نهوض الأسير، والتحاق عدد من مؤيديها بالشيخ، وذلك من خلال خطابهم السياسي وسلسلة الخطوات التي تنشط بها الجماعة ومؤسساتها الاجتماعية المختلفة.

لذلك يبدو أن النزاع بين الطرفين والانتقاد الذي يوجهه إحدهما للآخر هو نزاع تنافسي يسعى لكسب النقاط تمهيداً لعملية انتخابية لاحقة.

على المقلب الآخر، يبدو أن تأثيرات ما حدث على التنظيم الشعبي الناصري كانت كبيرة. فالخلاف بين التنظيم ومجموعة الأسير خلاف مبدئي. وحتى هذه اللحظة بقي الجسم الأساسي للتنظيم وقيادته متماسكاً، ومصراً على سياسته الماضية وتحالفه مع حزب الله، في حين أن قواعده التنظيمية وخصوصاً في المناطق الشعبية (القياعة، التعمير، الفيلات…) تبدي تململها من السياسة الرسمية وخصوصاً أنها على تماس يومي ومتواصل مع الجمهور الصيداوي المنحاز بأكثريته لخطاب الأسير من دون الالتحاق بآلية عمله وتوقيتها. وهذه القواعد غير قادرة على سد الأذان ومنعها من سماع الخطاب الذي يحاول إظهار أن سياسة غبن تلحق بطائفة هم جزء منها. كما أن قواعد التنظيم تعيش حالة تنافسية في الأحياء مع سرايا المقاومة التي يبدو أن الجمهور الصيداوي يبتعد عنها وينعتها بصفات غير حميدة.

الغائب الأكبر عن الصورة ما كان يطلق عليه اسم التيار الديموقراطي اللاطائفي الذي تحلل جسده وتحول إلى مجموعة من الأفراد تدلي بآرائها، إذا فسح المجال أمامها في محافل عامة أو خاصة ولكن على من تتلو مزاميرك يا داوود.

السابق
عشيرة آل جعفر تتبنى كمين عرسال
التالي
استراتيجيّة السنيورة: تنبيه العدو