اللبونة… بروفا حرب ثالثة؟

من بروكسل الى اللبونة، المسافة بعيدة والهدف واحد وقريب: حزب الله. هناك ضغطٌ سياسي-اقتصادي وهنا ضغطٌ عسكريٌّ قد لا يكون سوى ترجمة لذاك القرار الشهير أو في أحسن الأحوال استغلالاً له توقيتاً ومضموناً.

فجر الأمس حمل مقدّمة ما من الناقورة وتحديداً من اللبونة الى المقاومة وناسها. لم تكن الحركة الإسرائيلية عرضيّة. حركة لم يفضحها سوى لغمٍ أرضيٍّ يقول سكان المنطقة إنه “انتقم لهم ولو بشكل بسيط”. أحدٌ لم يفهم لم قرر جنودٌ إسرائيليون انتهاك الخطّ الأزرق لمسافة 400 متر توغلاً في الداخل اللبناني، وتحديداً في بقعةٍ لا تزال تحتضن الكثير من مخلفات العدوّ نفسه. يسخر الأهالي: “هذا ما جنوه على أنفسهم. هذه هي ألغامهم التي خلفوها لقتلنا. الله كبير”.

جنوا على أنفسهم…
في تلك الليلة رصد أهالي الناقوة القنابل المضيئة في سماء منطقتهم. لا يعلقون، فهم معتادون عليها ويضعون ما حصل في أمانة “اليونيفيل”. ويؤكد رئيس بلدية الناقورة محمود مهدي لـ “صدى البلد” أن “المنطقة التي شهدت الخرق واقعة حكمًا ضمن منطقة عمليات قوات حفظ السلام المنوطة حماية المنطقة وأهلها”. ولفت الى أن “المنطقة كانت محتلة من الإسرائيليين أنفسهم وبالتالي هذه الألغام التي ما زالت موجودة في بقعة اللبونة منذ العام 2000 هي من مخلفاتهم، وتركوها في مكانها عمداً لاستهداف اللبنانيين جيشاً ومقاومة”. ونفى مهدي أن “يكون الأهالي استشعروا أي حركةٍ غريبة على الحدود في الآونة الأخيرة خصوصًا أن المنطقة في عهدة عناصر اليونيفيل، وبالتالي أياً يكن لا يمكنه دخول منطقة اللبونة التابعة للناقورة والتي تبعد عنها أكثر من 5 كيلومترات (خط نار) من دون الحصول على تصريح من اليونيفيل”. وأشار الى أن “المنطقة حرجية بامتياز”، مؤكداً أن “الجيش اللبناني هو من يحقّ له التواصل مع اليونيفيل لاستيضاح ما حصل”.
“لا تعنينا قذائفهم”
وعن قراءة أهالي المنطقة لهذا الخرق قال مهدي: “ولدنا في هذه الظروف وعشنا فيها ونموت فيها، وتهديدات إسرائيل ليست جديدة علينا. لا توتر بين السكان بل على العكس الإسرائيليون هم المتوترون ولا تعنينا قذائفهم، وما يفعلونه بات بمثابة قوتنا اليومي. نستكمل حياتنا اليومية بشكل طبيعي وكأن شيئاً لم يحصل”.

7 حقائق
هذا على المستوى الميداني، أما على الجبهة السياسيّة، فلم يبخل فريق 8 آذار ومصادره في ربط حقيقة ما حصل بتضافر أكثر من عنصر. تلك العناصر وعلى فرديتها قد لا تعني الكثير، بيد أنها في كلّيتها قد تحمل روابط لا يتجاوز عمرُ ولادتها الأسبوعين كحدّ أقصى: أولاً، لا يمكن لأحد أن ينكر أن قرار الاتحاد الأوروبي بإدراج الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب سهّل المهمة على إسرائيل وشرعن أيّ خرقٍ أو حتى حربٍ قد تعنّ على بال القادة الأمنيين ما وراء الحدود، وإن كان هذا السيناريو يلقى تقزيمًا من الجانب اللبناني بحجّة أن “إسرائيل لا تجرؤ” وربما معارضة في الداخل الإسرائيلي خوفاً من صواريخ المقاومة التي باتت إسرائيل على يقين بأنها تطوّرت وبأن منظومتها الدفاعية المستحدثة المعروفة بـ “القبّة الحديدية” ستكون كفيلة بردع بعضها فيما قد يصل بعضها الى ما بعد بعد حيفا. ثانياً، لا شك أن إسرائيل تستغلّ “هشاشة” الالتفاف حول حزب الله في الداخل، وليس ثناء الإسرائيليين على خطاب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان التصويبي على حزب الله في عيد الجيش سوى خير دليل. ثالثاً، يتزامن ذاك الخرق الإسرائيلي مع اقتراب موعد احتفال المقاومة بنصرها الذي حققته في العام 2006 أي عملياً في الحرب الإسرائيلية الثانية على لبنان. رابعاً، لم تهضم المعدة الإسرائيليّة إطلالة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله مباشرةً بين الحشود في مجمع سيد الشهداء وهو ما حمل رسالةً واضحةً الى الإسرائيليين قبل سواهم. خامسًا، طلب لبنان من مجلس الأمن تمديد تفويض “اليونيفيل” ابتداءً من أول أيلول المقبل الى 31 آب 2014، بعد انتهاء ولايتها الحالية في 31 من الجاري. سادساً، استغلال إسرائيل انغماس حزب الله في الحرب السورية وبالتالي التعويل على “تراجع قواه عديداً وعتاداً في الداخل اللبناني وعلى الحدود، ناهيك عن أن أحداً من المجتمع لن يكون في صدد منح أي حربٍ بين إسرائيل وحزب الله أهمية قصوى أو أولويّة وسط ما تعايشه سورية ومصر وتونس والمنطقة برمّتها”. سابعاً وأخيراً، تُمعِن إسرائيل منذ أسبوعين في الحديث عن حربٍ مرتقبةٍ على لبنان، ولعلّ أبرز السيناريوهات التي ارتقت بها الصحف الإسرائيلية والغربية يتجسد في أكثر من سيناريو: أولها احتضنته صحيفة “معاريف” عندما أشارت الى أن أيّ “حربٍ ثالثة ستكون مختلفة عن سابقتيْها لجهة شراستها لا سيما بعدما ازدادت قوة حزب الله وأن تلك الحرب ستكون قصيرة ومكثفة.

السابق
عون في عرين القوات
التالي
العنف المجاني في ضاحية المقاومة