حوار روحاني ومعاناة لبنان

في معرض الحديث عن أُناس معيَّنين، يفضِّل بعضهم ترديد المثل القائل سيماؤهم في وجوههم، فيما يرى آخرون أن القول من سيمائهم تعرفونهم.

 

في كل حال، الصيغتان لمثل السيماء دور مهمّ، لكنه غير مرئي أو معلن، بالنسبة الى الارتياح الذي قوبل به انتخاب الرئيس الايراني الجديد حسن روحاني. في وجهه. في سيمائه. في ابتسامته. في كلامه. في حضوره.

حتى قبل انتخابه، وقبل فتح الصناديق واعلان النتائج، تراءى للمتابعين والمعنيين بالوضع والنظام، والحالة الايرانيَّة برمَّتها، انه في حال فوز روحاني ستكون المنطقة بأسرها على موعد مع مرحلة من الانفراجات.

وليس مستبعدا تحقيق ما كان يبدو على الصعيد الايراني والدولي من رابع المستحيلات: التغيير على نطاق واسع، في الداخل الايراني، كما في مجال العلاقات السيئة جداً مع معظم دول العالم.

صحيح أنه من المبكر التحدُّث، أو الخوض في احتمالات معينة قد يقدم عليها أو يتبنّاها عهد الرئيس روحاني، عربياً وأميركيّاً بصورة خاصة، ودوليّاً بصورة عامة، ولبنانيّاً تحديداً وتأكيداً، وفي الدرجة الاولى والأخيرة.

لكنّ روحاني البشوش، القريب من القلب، أثار موجة من الارتياح والتفاؤل ليس لدى الشعب الايراني وحده الذي تطوِّقه الأزمات الكبرى وتشلُّ حياته منذ سنوات، إنما لدى الدول العربيّة ودول الخليج في المقدمة، والدول الكبرى في العالم، وفي الطليعة أميركا والتجارب النوويَّة في “الأفران” الايرانية.

وقد تعمَّد أن يفتتح عهده بالحوار، وأن يجعله شعار رئاسته. وربما جعله قضيته الاولى، التي على أساسها سيعيد بناء السياسات الايرانية، داخليَّا وخارجياً… وهو الذي شدَّد على اعتماده الحوار في معالجة أزمات ايران الكبرى والصغرى على حدّ سواء.

أليس هو القائل: “ان السبيل الوحيد للتعامل مع ايران هو الحوار على قدم المساواة، وبناء الثقة والاحترام المتبادل، وتقليل العداء والعدوان… واذا كنتم تبغون الرد المناسب (والكلام موجّه الى واشنطن)، فلا تتحدثوا مع ايران بلغة العقوبات. تحدَّثوا معها بلَغة الاحترام”؟

أما لبنانيّاً، تحديداً، فالقصَّة على أكثر من ثلاثة طوق. والتفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة هي بيت القصيد، وبيت الداء، وبيت التعطيل، والشلل، والجمود، والفلتان، وتغييب الدولة، وتفريغ المؤسسات.

وايران تدرك ذلك جيداً. والرئيس الجديد ليس غريباً عن حال لبنان وحالات الزمان و”حزب الله” عليه.

حتما، سمع روحاني من الرئيس اللبناني ميشال سليمان القصة التي شَرْحها يطول. “فالمخاوف الكبيرة” ليست وقفاً على الاسرة الدوليّة. فهي تسربل الشعوب والقبائل اللبنانيَّة أيضاً!

السابق
حنين إلى الجيوش!
التالي
من الصواريخ إلى العبوات