اللقاء العلمائي في افطاره السنوي يطلق “مبادرته”

السيد محمد حسن الأمين

في إفطار دعا إليه مساء أمس الخميس، اللقاء العلمائي اللبناني والمركز اللبناني للحوار، إحتشد عدد من الشخصيات الدينية والإعلامية والثقافية في مطعم وفندق الريفيرا، يتقدمهم ممثل عن رئيس فؤاد السنيورة النائب غازي يوسف وممثل عن قوى الأمن الداخلي، وممثل عن جهاز الأمن العام، وممثل عن الدكتور سمير جعجع، وممثل عن الرئيس أمين الجميل الوزير السابق سليم صايغ، كما حضر الحفل سماحة المستشار في المحكمه الجعفريه العلامة السيد محمد حسن الأمين.

بدايةً كان كلمة ترحيبية ألقاها الأستاذ عباس رعد الذي شكر الحضور وشكر ممثلي الرؤساء ورجال الدين الذين تكرموا بحضور حفل الإفطار مبيناً أن روح اللقاء هو الدعوة إلى الوحدة بين مختلف شرائح الشعب اللبناني والتصدي للمؤامرات التي تهدف إلى عودة الحرب الأهلية وبث روح الأحقاد الطائفية.

ثم كانت كلمة لمستشار المحكمة الشرعية العلامة السيد محمد حسن الأمين الذي قال أن عبادة الصوم مختلفة عن بقية العبادات فهي عبادة سلبية وأساسها هو “الإمتناع”، فعبادة الإمتناع هذه عن كل أشكال الشهوات الجسدية هي شكلٌ من أشكال الجهاد الأكبر أي جهاد النفس، ونحن أحوج ما نكون إليه في هذه الأيام لأن الجهاد الأصغر وهو قتال الأعداء لا بد له من جهاد الأكبر وهو الإنتصار على النفس.

فهذه العبادة ترمي إلى تصفية النفوس وترقيتها من أشكال الأنانية والغيرة والحقد وإلى ما هنالك، أي أن الله أراد لنا في حياة الدنيا أن يُقدم صورة عن نعيم الجنة، فهو يذكر في القرآن الكريم “ونزعنا ما في صدورهم من غل أخوانٌ على سرر متقابلة”، فهذه السورة تقدم أجمل وصف للجنة وللحالية النفسية وللسلام الداخلي الذي يعيش من يقتنها، فالسعادة لا تأتي من الملذات الخارجية والمال والسلطة، بل من السلام الداخلي الذي إذا لم يكن في الإنسان فهو الذي يعكر عليه السعادة الأبدية.

وتتحقق السعادة عندما ننتصر على غرائزنا ونفوسنا، والصيام هو العبادة التي جعل منها الله الإنسان أي ينتصر بعقله وبسمو روحه على غرائزه، وختم العلامة الأمين: في هذه الأجواء الرمضانية نتطلع إلى المجتمع اللبناني أن يحقق هذا السلام المنشود وذلك بإزالة كل أشكال الإختلافات الطائفية والمذهبية ونتجه إلى الإيمان الأسمى وهو الإيمان بالإنتماء الإنساني، فالله لم يكرم طائفة ويفضلها على غيرها بل كرم الإنسان مهما كانت إنتماءاته.

وبعد ذلك إعتلى رئيس اللقاء العلمائي الشيخ عباس الجوهري المنبر فرحب بالحضور وقال: أن هذا الإفطار أردناه لقاء محبة في زحمة العناوين والأولويات ويصبح إنجاز مشروع الدولة لما فيه مصلحة للبلاد والعباد في مقدمة الأولويات وصيانة الوحدة الوطنية والإسلامية ودرء الفتنة كبرنامج عملي وتربية وسلوك.

إذن نحن أمام أزمة متشعبة الأبعاد أفضت إلى بروز الحراك والثورة التي أنتجت بعض ربيعها، ونحن في لبنان لم يكن وضعنا يتشابه مع غيرنا فقد منّ الله علينا بمساحة من الحرية لم نحسن إستخدامها لأن سرطان الطائفية كان أشدّ وأدهى فمع كل فضاءات الحرية كانت الطائفية أشدّ فتكاً من كل الديكتاتوريات المنهارة في محيطنا.

نحن في بلد لا زال الإنقسام السياسي فيه يتزايد وخيارات بنيه المتباعدة تضغط على الواقع والمستقبل فكأنه لم تكفنا عناوين الإختلاف والخلاف في تحديد سياساته ومساراته حتى نستورد أزمات فوق أزماتنا وعقد أكثر من عقدنا وما إنخراط بعض أهلنا في الوحول السورية إلا دليل على أننا أمتهنا القتل والقتال وكأنها المهنة التي لا نكاد نرى سواءهاوكأن شبابنا الأعزاء رُخصوا إلى هذا الحد للولوج بهم في ساحة ليست بساحتهم وأرض ليست بأرضهم ووطن لا يعنيهم تحديد مصيره قبل أهله والزج بهم في أتون الفتنة التي عصفت في بلاد الشام وهي لن تبقي ولن تذر.

وما أعقب هذا التدخل المباشر لحزب الله من قرارات أوروبية وعربية أفضت إلى وضع الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب وما سبق عن مجلس التعاون الخليجي الذي لم يفرق بين عسكري وسياسي في الوضع علىلائحة الإرهاب وما سينتج عن هذين الموقفين اللذين قد ينضم إليهما مجموعة أخرى من المغرب العربي وأفريقيا وشمالها.

من هنا لا بد من إطلاق مبادرة عاجلة للحد من الخسائر التي قد تقع على اللبنانيين بشكل عام وأبناء طائفتنا الشيعية بشكل خاص وتنص هذه المبادرة على التالي:

أولاً: الإنطلاق بالحوار واللقاء مع الدول في الإتحاد الأوروبي لمتابعة آثار هذا القرار حتى لا تتعرض فئات وأفراد لبنانيون ليس لديهم ذنب في ذلك وإقامة مرصد يوثّق كل الحالات التي تنتج خطأً في تطبيق هذا البرنامج.

ثانياً: التواصل مع أشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي لتبيان ضرورة التفريق بين ما هو حزبي وما هو مواطن يسعى في إقامته في البلدان العربية إلى تحصيل لقمة عيشه بكرامة محترماً القوانين المرعية الإجراء وغير متدخل في سياسات الدول وغير مستعمل لدى أي جهة في أن يكون عيناً أو يداً لها بل والعمل على التواصل مع الجالية اللبنانية المنتشرة عموماً والشيعية على وجه التحديد والتركيز على ضرورة بث هذه الرؤية والتمسك بها وعدم التدخل أبداً في شؤون البلاد التي تحتضن أهلنا وأبناءنا والتذكير بما قامت به هذه الدول مشكورة في مساعدة لبنان لإعادة أعمار ما تهدم بعد عدوان 2006 لأن شكر المنعم واجب عقلاً والجحود بالنعمة يزيلها.

من هنا نطلب من إخواننا في الوطن وتحديداً الكتل والأحزاب السياسية الوازنة التي لها علاقات طيبة مع الأوروبيين والأخوة العرب بضرورة مساعدتنا على تحقيق برنامجنا التواصلي لإقامة حوار دائم يفضي إلى إرساء صيغة الإقامة المثالية والتأثير الإيجابي لأبنائنا المنتشرين في كل تلك البلاد وأخص هنا بالتحديد دولة الرئيس فؤاد السنيورة ودولة الرئيس سعد الحريري بما لديهم من علاقات طيبة مع الأشقاء العرب السعي والعمل لتجنيب الأبرياء تبعات هذا القرار من خلال تبني هذه الدعوة والمساهمة في إنجاحها في عملية التواصل مع الأشقاء العرب.

ثالثاً: نطالب إخوتنا في حزب الله التي تتجه الأنظار إليهم في أنغماسهم في الوحول السورية إلى المبادرة إلى إطلاق حوار جاد وبناء يصل إلى تفاهم على المستوى الوطني الداخلي يتمثل في المساهمة في الإسراع في تشكيل الحكومة وإنسحاب من التدخل في الأزمة السورية وسحب أبنائنا حتى لا يكونوا وقوداً في حرب الآخرين مستفيدين من أجواء التهدئة التي أطلقوها للوصول إلى تسوية تاريخية يعاد فيها رسم خارطة الأولويات على أساس المصلحة الوطنية والوزن الوطني يعاونهم في ذلك تقدم قوى 14 آذار للوصل نصف الطريق الذي يجب أن يعبد بالصدق لا بالأفخاخ والألغام وتقطيع الوقت.

أخيراً نسأل الله لهذا البلد الأمن والأمان ولبنيه التعقل والتبصر لتحقيق التقدم والإزدهار، عشتم وعاش  لبنان.

السابق
خريس: اميركا واسرائيل تلعبان بالمنطقة لتفتيتها والسيطرة عليها
التالي
جنبلاط: سنبقى إلى جانب رئيس الجمهورية داعمين مواقفه الشجاعة