الجيش في عيده : حلم الدولة الذي لم يتحقق

الجيش هو المؤسسة التي انبثقت من حلم ـتأسيس دولة لم يتحقق . وهو الناجي شبه الوحيد من بركان القوى السياسية المستمرة ثورته منذ العام 2005 (كي لا نذهب بعيدا ) ، والذي أحرقت حممه كل شيء تقريبا .

يصلح  “أمر اليوم ” الذي وجهه قائد الجيش العماد جان قهوجي لمناسبة عيد الجيش لان يكون افتتاحية هذا النهار ،  الاول من آب 2013 على صدر كل الصحف ووسائل الاعلام المرئي والمسموع والالكتروني .

المؤسسة العسكرية التي لا تدار بالطرق الديموقراطية ، وانما بالقواعد العسكرية الهرمية ، باتت في وضع تعطي الطبقة السياسية دروسا عن ضرورة العودة الى الديمقراطية . وكان الاجدى بكل سياسي في هذا البلد أن يخجل من نفسه ، وأن لا يدبج بيانا انشائيا يتغنى بالجيش ، بعدما سمع أو قرأ قهوجي:  “ان احترامنا للديموقراطية يجعلنا اليوم نقول: ان الخشية من الفراغ حتمت الكثير من القرارات التي لم تكن لتتم لو دارت عجلة الحياة السياسية دورتها الطبيعية ولم تتحكم الخلافات بين الاحزاب والتيارات فتلغي الاستحقاقات الدستورية . لكن ما حصل يجب ان يشكل حافزا للجميع كي لا يسمحوا مجددا بان تكون التجاذبات السياسية هي التي تتحكم بمسار المؤسسات الدستورية وديمومتها وان تفتك الخلافات الشخصية والسياسية بقيمنا الدستورية وباتفاق الطائف “.

بعض الطبقة السياسية يهاجم الجيش نكاية بالبعض الآخر ، ثم يعود هذا الآخر ليرد الصاع صاعين فينتقد المؤسسة العسكرية شماتة بالخصم . منهم من يقول ان الجيش تحول الى رديف لحزب الله . ومنهم من يقول ان الجيش يتقاعس عن استئصال التكفيريين ودك حصون بيئتهم الحاضنة . ويكتشف ثالث ان لا سياسة محددة لهذه المؤسسة فهي خبط عشواء تبعا لكل ظرف او مرحلة .

الاجدى القول انه في بلد الفراغ الشامل في المؤسسات الدستورية ، حيث لا سياسة رسمية وانما سياسات حزبية مرتبطة باجندات اقليمية . وحيث لا رؤية استراتيجية وطنية وانما رؤى قصيرة النظر داخليا ، لانها من صنع الخارج . وحيث بلغ التفتت كل البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية وحتى العائلية . في ظل كل ذلك يبقى الجيش أفضل الممكن .

الجيش هو المؤسسة التي انبثقت من حلم ـتأسيس دولة لم يتحقق . وهو الناجي شبه الوحيد من بركان القوى السياسية المستمرة ثورته منذ العام 2005 (كي لا نذهب بعيدا ) ، والذي أحرقت حممه كل شيء تقريبا .

الجيش أحيا عيده الثامن والستين بتقديم شهيد جديد أمس على مذبح صراعات النفوذ والمصالح الاقليمية الممتدة من قلب بيروت الى قلب دمشق وعواصم أخرى .

السابق
قهوجي من التعيين الى التمديد
التالي
بعلبك السنية وبعلبك المسيحية