هل يتورّط «فلسطينيو لبنان» في صراعاته المسلحة؟

في موضوع تدخل “فلسطينيي لبنان” في أي مواجهة عسكرية قد تحصل بين سُنَّته والشيعة، يؤكد القريبون أنفسهم من رئيس “السلطة الوطنية” محمود عباس أنهم سيحترمون قواعد “الضيافة” والإقامة فيه ولن يبادروا الى تقديم الدعم الفاعل لأي من فريقي مواجهة كالمذكورة. فالفصائل الكبيرة العضو في منظمة التحرير لديها قرار مركزي بعدم التورّط أو الوقوع في الاستدراج. والفصائل الإسلامية وأكبرها “حركة حماس” لديها قرار مماثل رغم خلافها مع”السلطة” والمنظمة”. والتنسيق بينها كلها لتلافي هذا الأمر قائم. أما الفصائل الإسلامية الصغيرة التي يراوح عدد أعضاء كل منها بين 10 و12 و40 أو اكثر بقليل فإن بعضها قاتل مع الشيخ احمد الأسير في عبرا في معركته القصيرة والخاسرة مع الجيش اللبناني (وربما مع آخرين).

لكن البعض الآخر منها لم يقاتل. وعلى العكس من ذلك لم يتورط في استفزاز الجيش المُرابِط على مداخل “مخيم عين الحلوة” مثلما فعل آخرون. فضلاً عن انه منع هذا الأمر أو حال دونه. وقد عبّر معظم ممثلي الفصائل الفلسطينية، من كبيرة وصغيرة عن هذا الموقف في أثناء اجتماع الرئيس عباس بهم، واذ قال له غير الاعضاء في منظمة التحرير: قلت في تصريحاتك النافية احتمال تدخل “فلسطينيي لبنان” في حروبه والفتنة ان كلامك يشمل من تمون عليهم وحدهم. ونحن نقول لك الآن انه يشملنا في هذا الموضوع وانك تمون علينا.

ويلفت في هذا المجال القريبون انفسهم من الرئيس عباس الى الجهد الذي تبذله السلطة عبر سفيرها في لبنان بالإمكانات التي تتوافر له والذي أمَّن للفلسطينيين في مخيماته خدمات مهمة تتعلق بالتعليم والتطبيب وأُسر الشهداء والقضايا الحياتية. وهي ليست بديلاً من خدمات “وكالة غوث اللاجئين” وإنما اضافة اليها. وهذا الأمر خفَّف الى حد كبير اجواء التوتر والاحتقان الدائم عند ابناء المخيمات التي كانت تستغل غالباً لتوريطهم في قضايا لا تخصهم من قريب أو بعيد. طبعاً يُشدِّد هؤلاء على ضرورة أن يبادر لبنان الرسمي الى حل مسألة عمل اللاجئين الفلسطينيين على أرضه لأن من شأن ذلك خفض منسوب الاحتقان وتقليص احتمالات التورّط في الشؤون الداخلية اللبنانية. علماً أنهم يعرفون أن ظروفه اليوم ليست سهلة على الاطلاق ويتفهمون هذا الواقع.
هل يعني ذلك أن اشتراك فلسطينيي المخيمات وخصوصاً “عين الحلوة” في صراع عسكري لبناني – لبناني ليس محتملاً؟

يجيب مصدر “اسلامي” لبناني جدّي عن السؤال بالقول أن ذلك صحيح مبدئياً. وأن الفصائل الصغيرة لا تستطيع أن تجرَّ المخيمات إلى القتال. لكنه يشير الى أن الشيخ أحمد الأسير كوّن “حالة” في صيدا في النهاية رغم أنه لم يكن “مقبوضاً” من غالبية أهلها (السُنَّة) كشخص قيادي. إلاّ أنهم لم يقفوا ضده. وهذا ما فعله سُنَّة في مناطق أخرى، لأنه عبّر عما في قلوبهم، وقال ما لا يستطيعون قوله. وينتقل من ذلك الى الاعراب عن اعتقاده أنه إذا “وقع مشكل” كبير بين “حزب الله” و(الشيعة استطراداً) والسُنَّة، لا سمح الله، فإن إحدى أكبر الحركات الاسلامية في لبنان وهي “الجماعة الاسلامية” ستتدخل. وقد فعلت ذلك في صيدا، أخيرا، ساعة رأت ان مقاتليه انتشروا في صيدا ومحيطها وأخذوا يتعرضون لعدد من ابنائها. وستفعله في مناطق أخرى إذا لزم الأمر. وتدخُّلها سيجر حتماً الى تدخل فلسطينيي لبنان في الصراع العسكري أو المسلح. أما السبب الذي يعطيه المصدر نفسه لذلك فهو انه كان لـ”الجماعة” فرع فلسطيني (لبناني) مهم جداً، أحالته الى حركة “حماس” بعد قيامها. ولا يمكن أن يمتنع “فلسطينيوها” عن الدفاع عنها ومعها. كما أنه يعطي سبباً آخر هو تكوّن حالة شبابية إسلامية في المخيمات الفلسطينية في لبنان تحترم “القادة التاريخيين” للكفاح الفلسطيني المسلح لكنهم صاروا “عواجيز” في نظرها”.

طبعاً، يتدارك المصدر نفسه، “الجماعة” ليست معادية لـ”الحزب” والعلاقات بينهما غير مقطوعة رغم الاختلافات الاساسية جداً بينهما. ولذلك اتصلت قيادة الحزب بقيادة الجماعة مستفهمة عن إنتشارها المسلح في صيدا ودوافعه ومستقبله. كما استفسرت من “الجماعة” في معركة سابقة داخل طرابلس عن إشتراك عناصرها في المعركة (التبانة – بعل محسن). ولفت الاستفسار الأخير قيادة “الجماعة” لأن وجودها هناك كان غير رسمي وغير معروف، ودفعها إلى الاستنتاج أن بين مقاتلي التبانة عناصر تابعة للحزب وإن سنية.
اي توقع “يظبط” الفلسطيني أو الاسلامي اللبناني؟ ليس هناك جواب حتى الآن.

السابق
سقوط حكم الحزب الديني .. عربياً
التالي
فضل شاكر يغني “ذئاب الفرس تأكل من جناحي”