جنبلاط: الحركة الدينية والديكتاتورية وجهان للاستبداد

رئيس الحزب التقدمي اﻻشتراكي

اشار رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” النائب وليد جنبلاط بموقفه الأسبوعي لجريدة “الأنباء”، الى انه “مع تسارع الأحداث والتطورات السياسيّة في مصر، وبعضها إتخذ الطابع الدراماتيكي المؤسف بفعل سيلان الدماء وتوسّل العنف وسيلة للتعبير عن الرأي السياسي، بات من الضروري إعادة طرح بعض العناوين الفكريّة الاشكاليّة التي فرضت نفسها لقرون على العالم العربي والاسلامي من دون أن تلقى ما يكفي من البحث والنقاش والتفكير، وهي تتصل بعناوين وقضايا خاضتها أوروبا والغرب وأنتجت لها حلولاً جذريّة، ولو بأكلاف عالية، وتمثلت بفصل الدين عن الدولة وبتطبيق العلمانيّة، ما أدّى إلى تقدّم الغرب فيما تواصل المنطقة العربيّة تراجعها وتفككها وتقهقرها”.
اضاف جنبلاط “فالحركات الدينيّة، بفعل تركيبتها البنيويّة والعقائدية تواجه مصاعب جمّة في التطوّر والتقدّم، لا سيّما أنها تستلهم الشريعة الالهيّة وترتكز إلى قناعاتٍ قائمة على أنها تمثّل الله على الأرض، وهي تماثل بذلك بعض الأنظمة الديكتاتوريّة، التي حتى لو هللت شكلاً بسقوط الأنطمة الدينيّة، إلا أنها لا تختلفُ جوهريّاً عنها الكثير خصوصاً لناحية رفض الرأي الآخر وعدم تقبّل التنوع والتعدديّة والديمقراطيّة”.
ولفت الى ان “الغرب خاض لسنواتٍ طويلةٍ حروباً دينيّة إلى أن إنبلج عصر النهضة والتطوّر العلمي وصولاً إلى الثورة الفرنسيّة التي رفعت شعارات الحرية والأخوة والمساواة التي تحوّلت إلى عناوين مفصليّة في التاريخ الحديث. صحيحٌ أن مسار الثورة الفرنسيّة لم يخلُ من الدماء والعنف وقد إستغرق تثبيت مفاهيمها الأساسيّة نحو قرنٍ كامل، ولكن رويداً رويداً إستطاعت أوروبا أن تنتقل نحو الحداثة والتقدّم والحضارة. أما إسلام الأندلس، للأسف، فقد تراجع وإضمحل تدريجيّاً وقد غلبت عليه التيارات الفكريّة الآحاديّة التي صارت تصدر الفتاوى الجهاديّة الرافضة للتعدديّة والتنوّع والديمقراطيّة. حتى مرحلة نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين شهدت حقبة جزئيّة من النهضة بوجود أعلام من أمثال محمد عبدو وجمال الدين الأفغاني وقاسم أمين وعباس محمود العقاد ومصطفى لطفي المنفلوطي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وعبد الزراق السنهوري وطه حسين ونجيب محفوظ وسعد زغلول ومكرم عبيد وسواهم العشرات من الشخصيّات المتنورة، ولكن الذين لم يُكتب لهم المجال لاستكمال إضافاتهم الفكريّة إلى الواقع بفعل حالة التراجع والجهل التي مرّت وتمّر بها المنطقة العربيّة قاطبةً. وبعد كل هذا الثراء الفكري، أصبحت فتاوى القرضاوي ومحمد بديع هي المرجع الفقهي والقانوني والاجتماعي!”.
واوضح انه “إنطلاقاً من كل ذلك، كم يبدو مهماً الحفاظ على مكتسبات الثورة المصريّة الثانية التي إستعاد فيها الشعب المصري زمام المبادرة رافضاً الحكم الآحادي، لكن حذارى من الوقوع في الفخ الذي ينصبه الاخوان المسلمون وهو سيلان المزيد من الدماء لأنه يكسبها الشرعيّة ويطيح بآمال جماهير ميدان التحرير التي عبّرت عنها جبهة الانقاذ وحركة “تمرّد”، وهو ما يحتّم على القوات المسلحة التحلي بأعلى درجات ضبط النفس وعدم الانجرار إلى ملعب العنف المدان من أي جهة أتت”.
ولفت الى ان “صندوق الاقتراع في الانتخابات ليس هدفاً بذاته، بل هو محطة من المحطات في سبيل الوصول إلى نظامٍ قائم على إحترام الآخر، وأثبتت أحداث مصر هذه المقاربة التي مارس الاخوان عكسها عندما إستغلوا نتائج صناديق الاقتراع لاقصاء الآخرين وفرض سيطرتهم الآحاديّة. ألم يسبق للنازيّة والفاشيّة أن إستلمتا الحكم من خلال الانتخابات وصناديق الاقتراع، إلا أنهما قادا أوروبا والعالم إلى الدمار والخراب؟”.
وتابع رئيس جبهة “النضال”، “ألم يسبق للأنظمة البعثيّة التي تهلل اليوم لسقوط نظام الاخوان المسلمين في مصر، أن أتت بالانقلابات العسكريّة ثم شرّعت وجودها من خلال صناديق الاقتراع في عمليات إنتخابيّة وهميّة أفضت إلى تجديد الاستيلاء على الحكم بنسب 99،99 بالمئة؟ ألا تعبّر موجة الاغتيالات السياسيّة التي تشهدها تونس، بدءاً من شكري بلعيد وصولاً إلى محمد البراهمي، عن شكل من أشكال الآحاديّة وإلغاء الصوت الآخر المختلف ورفض للتعدديّة والديمقراطيّة”.
وسأل جنبلاط “أليس غريبا ذاك التزامن المريب بين أحداث مصر الداخليّة مع تحوّل منطقة سيناء إلى بؤرة للارهاب، وكأنما ذلك يأتي تطبيقاً لاتفاق بعض العرب وبعض الغرب، كما قيل، لتوسيع قطاع غزة بإتجاه سيناء وتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربيّة ونقلهم إلى المنطقة الموسعة؟ وهل هي مجرّد صدفة؟ ولماذا لم تُكشف نتائج التحقيقات في العمليّات التي تحصل في سيناء وقد وقع عدد منها في عهد الرئيس السابق محمد مرسي؟ وما هي أسباب التكتّم عن مضمونها؟”.

السابق
الجيش: طائرة استطلاع معادية خرقت اجواء الجنوب
التالي
لهذه الأسباب لن يطلّق وائل كفوري زوجته!