الغرافيتي: فن ام تخريب؟

تختلف نظرة المجتمع لكتابات ورسوم الغرافيتي على الجدران. فبينما يراه البعض فناً يعتبره آخرون تخريبا، بسبب الأضرار التي تلحق بممتلكات الغير. في مدينة بون يسعى أحد فناني الرافيتي إلى التقريب بين وجهات نظر الطرفين.

لون هذا المخلوق الغريب أخضر وله أسنان شبيهة بأسنان سمك القرش تظهر من خلال ابتسامته. تُرى عما تعبر هذه الصورة؟ هل هي صورة لشبح لطيف؟ قد يفسر كل شخص الصورة حسب انطباعه لكنها قد تكون أيضا مجرد تعبير عن الشعور بالرضى التام. والأكيد هو أن هذا الغرافيتي رُسم بشكل قانوني على أحد الجدران المخصصة لذلك في مدينة بون، العاصمة السابقة لألمانيا.

تعاني بون من مشكلة الرسومات والنقوش غير المسموح بها، والتي تستهدف جدران المنازل وصناديق الكهرباء والهاتف وأيضا الأنفاق غير المراقبة. يقول سيغفريد هوس، المكلف بمكافحة الغرافيتي والمواد الضارة ببلدية بون، بأن الكتابة على الجدران تكلف المدينة حوالى 90 ألف يورو سنوياً لإزالتها وتنظيفها. ويشارك هوس في تنظيم حملة تستمر أسبوعا لمكافحة الغرافيتي غير المرخص له والذي يعاقب عليه القانون بشدة. ويصف هوس ذلك بقوله “إنها جريمة تلحق ضررا بممتلكات الآخرين”.

أضرار بالملايين
ويقدم سيغفريد هوس المكلف بمواجهة مشكلة الغرافيتي في بون مثالاً عن العقوبات التي يمكن أن تطال الرسم على صناديق البريد أو التلفون “يُلزم كل من رسم على صناديق الكهرباء المملوكة للدولة بدفع مبلغ 200 أو 300 يور تكاليف إزالة آثار ذلك الرسم”. وحسب هوس فإن الذين لا يستطيعون دفع هذا المبلغ يتم إشراكهم في التنظيف حتى يدركون حجم العناء الذي يسببه ذلك.

وتسعى المدينة بالشراكة مع الشرطة وهيئة السكك الحديدي وجمعيات محلية تبادل الخبرات من أجل التوصل إلى حلٍ للتصدي لظاهرة الكتابة على الجدران. وتقدر الخسائر التي يسببها الغرافيتي على صعيد ألمانيا كلها بحوالى 200 مليون يورو سنويا. لكن هل الإجراءات الإدارية الصارمة كافية لوحدها لمواجهة هذه الظاهرة؟

يرى الفنان التشكيلي بنيامين سوبالا أن مثل هذه الأعمال المرخص لها من طرف المدينة يمكن أن تثني رسامي الغرافيتي عن الرسم في الأماكن الأخرى. وكمثال آخر على ذلك، محطة للحافلات قريبة من نفس المكان يقول عنها سوبالا: “مرت ثلاث سنوات على الرسومات التي رسمناها في هذه المحطة ولم تتعرض حتى اليوم لأي تخريب”.

سوبالا هو فنان غرافيتي متقاعد وكلفته المدينة بلعب دور الوسيط بين بلديات المدينة ورسامي الغرافيتي. ففي حلقات دراسية يوضح سوبالا الإمكانيات المتوفرة لممارسة الغرافيتي بطريقة قانونية.

غير أن سوبالا ينتقد أيضاً مدينة بون لقلة الفضاء المخصص لممارسة الغرافيتي بشكل قانوني. ويقول بهذا الخصوص “إذا قارنت مدينة بون مع كولونيا فإن الأخيرة توفر الكثير من المساحات لرسامي الغرافيتي. ويقوم بذلك أيضا أصحاب المحلات التجارية وأتأسف بعض الشيء لعدم وجود مثل هذا الأمر في بون”. وقد يساهم ذلك كثيرا في التخفيض من حجم الكتابة على الجدران بطريقة غير قانونية.

التخفيف من حدة الضرر
من جهتها، ترى إدارة مدينة بون، في شخص هوس، بأن توفير أماكن خاصة بالغرافيتي في المدينة غير كفيل بحل المشكلة، ويبرهن هوس على ذلك بالقول: “الأماكن المخصصة للغرافيتي سيتم ملؤها في يوم ما. ثم يأتي شخص آخر ويقول هنا يسمح لي بالرسم ويقوم بالكتابة على جدران المبنى المجاور وبالتالي نكون أمام فعل مخالف للقانون”.

ويؤكد سوبالا على ضرورة التحرك بسرعة عند رؤية شخص يبدأ بالرسم على أحد الجدران وإذا لم يتم ذلك فإن راسم الغرافيتي يرى في فعله أمرا مقبولا. وينصح سوبالا باستخدام طلاء للجدران مضاد للغرافيتي يمكن تنظيفه 50 مرة.

الصقور والبرقع والموز
وتختلف الدوافع وراء الكتابة غير القانونية على الجدران. فقد يكون الهدف من ذلك هو التخريب وقد يكون أيضا التعبير عن فن نبيل أو عن نشاط سياسي. لكن توجد أيضاً رسومات يكون معناها غير واضح تماماً مثل رسومات الموز للفنان التشكيلي الألماني توماس باومغيرتل التي تزين حاليا أكثر من 4000 باب ومعرض

وفي مدينة لايبزيغ تم ترميم رسم الغرافيتي “مادونا والطفل” الذي أصبح مدرجا ضمن الآثار المحمية. أما في أفغانستان فتعبر فنانة الغرافيتي شميسة حساني من خلال رسومات لبرقع أزرق وراء القضبان عن اضطهاد المرأة في أفغانستان. وفي نيروبي يتم رسم غرافيتي في شكل صقور على جدران منازل يقطنها سياسيون متهمون بالفساد.

السابق
“اللواء”: “حزب الله” يتشدد جكوميا بعد القرار الاوروبي
التالي
عطيني إسمو… و«الباقي تركو عليّي»