لماذا لا تشارك “امل”في قتال التكفيريين؟

بصرف النظر عن صحة المخاوف الشيعية من خطر تسلل الحالة التكفيرية الموجودة في سوريا أو عدم صحتها، وكذلك بصرف الظر عن صواب القرار الذي اتخذه “حزب الله” بالحرب الاستباقية الى جانب النظام في مواجهة التكفيريين أم عدمه، ثمة أسئلة ملحة ثلاثة تفرض طرحها على المراقب دون مناص.
يتصل السؤال الأول بهوية تلك المخاوف، بل بصحة تلك الهوية مع التسليم بصحة المخاوف، فهل هي فعلاً مخاوف شيعية جدية ناتجة من اقتراب الفكر التكفيري وجنده من التخوم؟
إذا كان الجواب ايجابياً، كما هو شائع راهناً، فأين هي حركة “أمل” من تلك المخاوف؟ وأين دورها؟ واستطراداً ما هو مبرر عدم مشاركة مقاتليها ذوي الباع الطويل في القتال وحرب الشوارع؟! هل يعود ذلك الى نقص في العتاد، أم في العديد، أم في الخبرة القتالية؟ أم أن حدود الالتزام الشيعي او التشيعي بتعبير أصح يقف عند حدود الوطن لدى حركة “أمل”، دون أن يخرجها ذلك عن التزاماتها المذهبية في الأمور العقيدية الباقية.
أما السؤال الثاني فينطلق من تسليمنا جدلاً بأن الحرب الاستباقية التي اختارها الحزب في الدفاع عن نفسه هي خيار صائب، فهل يستطيع المقاتل في تلك البلاد أن يميز من بين أهدافه بين تكفيري يذبح ويأكل القلوب وبين مقاتل سوري معارض للنظام ويسعى لإسقاطه في حين لم تمنعه تلك المعارضة إياها من أن يكون نصيراً أو على الأقل مؤيداً للمقاومة قبل نشوء الأزمة السورية وتحديداً قبل مشاركة “حزب الله” في القتال هناك؟
يرجع السؤال الثالث الى العمق الاستراتيجي العقيدي لقسم كبير من شيعة لبنان، ونعني به الجمهورية الاسلامية الايرانية التي تشترك مع أكثر شيعة لبنان في مخاوفهم نظراً الى وحدتها العضوية العقيدية معهم، كما تشترك معهم في المصلحة الاستراتيجية الجيوسياسية المتمثلة في بقاء النظام السوري الحالي. جوهر السؤال: لماذا لا تشارك إيران في تلك المواجهة بقرار سيادي دولتي تتخذه الحكومة الايرانية دون إحراج أو انقسام داخلي ودون أي حساسيات مذهبية تثار من هنا وهناك، في وقت أثارت مشاركة الحزب عواصف اعتراض محلية وإقليمية؟
إن الاجابة عن هذه التساؤلات رهينة الوقت، بل رهينة النتائج والمكاسب والتسويات التي ستثبت أن شد الحبال في الداخل السوري سوف يحدد الدول والقوى التي تجتمع حول الطاولة المستديرة لتقاسم مغانم المنطقة العربية ورسم خارطتها وتوزيع الادوار فيها. اما على المستوى الشيعي اللبناني الداخلي فلا بد من دور يضطلع به رئيس المجلس النيابي بصفته رئيساً للمجلس ولحركة “امل” في آن، هذا الدور من شأنه إذا ما نجح في إدارة الأزمة، أن يوفر شيئاً من الضمان لتكريس نسبي للبنانية الشيعة وفي مصلحتهم في تلك اللبننة ضمن الإطار العربي دون أن يؤثر ذلك في الفضاء الرحب المتاح في هذا الكون الواسع لحرية الاعتقاد والمذهب والتشيع.

السابق
هل الجنوب بيئة حاضنة لليونيفيل؟
التالي
حرب يتولى الدفاع عن قضية هاشم السلمان