اذهبوا إلى الحوار!

دافع السيد حسن نصرالله عن الجيش للرد على انتقادات لا تزال موجهة لا للجيش وإنما للدور الذي لعبه “حزب الله” في ترتيب المواجهة في عبرا، ولمساهمته العلنية والسرية فيها، وللنتائج المبتورة التي انتهت اليها، بحيث ان الصيداويين لا يشعرون بأن مدينتهم استعادت حياتها الطبيعية.

ومما قال نصرالله: “اذا سقط الجيش او قسّم فلن يبقى سلم اهلي ولا استقرار ولن تبقى دولة ولا بلد”. هل هذا كلام تصالحي، وهل يصلح لدعم الدعوة الى الحوار في شأن “الاستراتيجية الدفاعية”، ومن قال ان الخلاف الداخلي هو على الموقف من اسرائيل، او الموقف من الجيش او المقاومة لاسرائيل؟ الخلاف هو، بوضوح، على استخدام النظامين السوري والايراني للمقاومة، ولأهداف لا علاقة لها بالمصلحة اللبنانية، ولا اجماع لبنانيا عليها. بل الخلاف اصبح، للتذكير، على استخدام “حزب الله” للمقاومة لفرض تغيير على طبيعة النظام اللبناني، وضرب صيغة التعايش الوطني. ولا احد يسمع في الخطاب “الهادئ” لنصرالله اي كلام يشي بأن حزبه أجرى مراجعة واقعية لأدائه الداخلي الذي شوّه صورة المقاومة.

الدعوة الى الحوار لا تتضمن ظاهريا اي شروط لكنها تستبطن ان يأتي الآخرون الى هذا الحوار وقد نسوا تدخل “حزب الله” في سوريا، وتداعيات احداث صيدا، والتلاعب بدور الجيش في طرابلس، وتجاوز الجيش في مناطق البقاع والشمال الشرقي… ليتحدثوا فقط في “الاستراتيجية الدفاعية”، اي في تكريس “حزب الله” الجهة الوحيدة المخولة ان تقاوم، وبالتالي اعادة احياء معادلة الجيش والشعب والمقاومة” التي اسقطها ذهاب “المقاومة” الى القتال مع النظام المجرم في سوريا. وقد استبق اي حوار باستبعاد البحث في “السلاح غير الشرعي”، وهو استبعاد للاعتراف بوجود مشكلة داخلية. فكيف يستقيم “حوار وطني” في هذه الحال، إذا كان هدفه تثبيت الامر الواقع الذي فرضه هذا السلاح؟

من الطبيعي ان يدافع نصرالله عن الجيش لأنه يشكل له غطاء شرعيا. هذا لم يمنعه في خطب سابقة من الاستهزاء بالامكانات المحدودة للجيش. لكن ماذا ستفعل المؤسسة العسكرية اللبنانية بعدما اصبح الجناح العسكري لـ”حزب الله” مصنفا ارهابيا، بل ماذا ستفعل الدولة وقد أُخطرت بأن لديها ميليشيا إرهابية مرتبطة بالنظامين السوري والايراني ومدرجة على القائمة السوداء دوليا. لا يكفي التذكر بالضغط الاسرائيلي على الاوروبيين لاعتبار التصنيف الارهابي وساما على صدر المقاومة، فهذا الضغط لم يحل دون صدور القرار الاوروبي بمنع تمويل مشاريع في المستوطنات الاسرائيلية.

اذهبوا الى الحوار. فلا شيء تغير، ولا شيء سيتغير. و”حزب الله” لم يعد مخيراً. أصبح أسير فائض قوته وخطأه التاريخي في سوريا وتبعيته المطلقة للقرار الايراني، وهو يحتاج “الاستراتيجية الدفاعية” ليوحي بأن لديه مشروعا لبنانيا. هذه “الاستراتيجية” فرصة للدولة اللبنانية كي توضح هدفها، فهل هي مستعدة لتبني سلاح “حزب الله” اداة للدفاع عن النفوذ الايراني؟

السابق
مصر والمبارزة المكلفة
التالي
شعرة في رأس حزب الله