تحديات القرار الأوروبي : أي سيناريو في لبنان

ليس في حزب الله أجنحة، وإن تعددت اهتماماته وتنوعت نشاطاته. وهو كان ولا يزال يسخر من الأحاديث عن فواصل في بنيته. فلا أحد يجهل أن مرجعيته واحدة منذ التأسيس حتى اكتمال البناء. ولا هو مشروع حزب عادي في جغرافيا محددة. لكن الاتحاد الأوروبي لعب الورقة على الطريقة البريطانية في التمييز بين الجيش الجمهوري الايرلندي وبين الشين بيت كجناح سياسي له. إذ قرر وضع ما سماه الجناح العسكري لحزب الله في قائمة الاتحاد للمنظمات الارهابية، وترك باب الحوار مفتوحاً مع الجناح السياسي. لم يأخذ بالمطلب اللبناني الامتناع عن القرار، برغم التحذير من خطورة القرار ومضاعفاته. ولم يخذل بيروت تماماً، بحيث أعلن الاستعداد للحوار مع كل المكونات السياسية اللبنانية ولزيادة المساعدات للبنان.

واذا كان السبب المباشر وراء القرار بعد طول بحث وضغوط على الدول المتحفظة هو حادث مطار بورغاس في بلغاريا والحكم في قبرص على ناشط من حزب الله، فإن السبب غير المباشر هو مشاركة الحزب في حرب سوريا. وليس من السهل على لبنان أن يتجاهل المضاعفات هنا وحتى في العلاقة مع أوروبا. ولا من الصعب على حزب الله أن يتكيف مع القرار، سواء عبر اجراء مراجعة للموقف أو عبر البحث في وسائل للرد.
ذلك أن التأثير الأول للقرار الأوروبي هو اضافة عامل آخر الى الانقسام السياسي الحاد. وهو بالطبع اندفاع الحزب وحلفائه المحليين والاقليميين في حملة على أوروبا التي يحتاج اليها لبنان، سواء لجأ خصوم الحزب الى الصمت أو الى مطالبته بفعل ما لا يريد، ولا يستطيع، وهو الانسحاب من سوريا.
والترجمة العملية لذلك هي: لا حكومة. فما كان صعباً قبل القرار الأوروبي صار أصعب بعده. قبله كانت قوى ١٤ آذار ترفض المشاركة مع حزب الله في حكومة بحجة أنها نوع من إعطاء الشرعية لمشاركته في حرب سوريا، وكان هناك كلام على تغيير أو تليين هذا الموقف. بعد القرار صارت قوى ٨ آذار أكثر تمسكاً بحكومة يتمثل فيها الحزب، وقوى ١٤ آذار أكثر إصراراً على حكومة من دونه. وفي الحالين، ليس فقط البقاء بلا حكومة بل أيضاً الذهاب الى الحد الأقصى من الفراغ في المؤسسات والتفرج على الانهيار الاقتصادي ومعاناة الناس.
وما يزيد في القلق هو السؤال عن مصير قوات اليونيفيل، هل يتم الضغط عليها رداً على القرار الأوروبي؟ ومن يستطيع أن يتحمل مسؤولية الفراغ في الجنوب، اذا انسحبت القوات الدولية وازداد خطر الحرب الاقليمية؟
أفضل رد على كل الأسئلة والتحديات هو اللجوء الى الحكمة والتفكير الهادئ في سيناريو ينقذ لبنان.

السابق
المقاومة تنتصر دائماً
التالي
النكبة المستمرة ومخطط برافر