شمس الدين لنصرالله: الحوارالشيعي أولا

إبراهيم شمس الدين

علق الوزير السابق ابراهيم شمس الدين على دعوة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى الحوار بمطالبته بان يبدأ من داخل الطائفة الشيعية مع كل من يمتلك رؤية في مصلحتها وفي المصلحة العامة ، لان لا جهة حزبية يمكن ان تختصر قرار هذه الطائفة ، واي طائفة أخرى .

وأكد أن تورط حزب الله في القتال السوري لا يخدم مصلحة لبنان والطائفة الشيعية ، مجددا دعوته للحزب للانسحاب من هناك . ولكنه أكد ان هذا التورط لا يمكن ان يشكل مبررا لاحد لكي يستهدف المدنيين في لبنان بذريعة انه يستهدف مناطق حزب الله .

ودعا شمس الدين الى تشكيل حكومة من المستقلين من خارج الاصطفافات الحزبية ، مشيرا الى ان القوى السياسية تمنع الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية من تشكيل الحكومة .

“جنوبية” حاورت الوزير شمس الدين على النحو الآتي :

ما هي برأيكم اسباب التعطيل السياسي وما هي الحلول الممكنة ؟

اذا وضعنا جانيا سوء النية لدى أكثر السياسيين ، أي تعمد التعطيل ، اعتقد ان عدم الالتزام بالقواعد العامة والدستور بشكل تراكمي منذ سنوات هو الذي أوصل الامور الى المأزق .
تجري مخالفة الدستور مثلا بطرف المكر والاحتيال وتطويع الوضع لمصلحة هذه الجهة او تلك . وبتراكم المخالفات يصل الجميع الى وضع لا يستطيعون فيه التقدم او التراجع ، ويرفضون التصحيح والاعتراف بالخطأ.

من الشواهد على هذا ، الفجيعة المتمثلة بالتمديد لمجلس النواب . وهي المخالفة الكبرى للدستور . لقد حرموا الناس من حقها في الانتخابات . والمجلس النيابي باعضائه ورئيسه مدد لنفسه بطريقة غير صحيحة وغير محقة . وشعار ان المجلس سيد نفسه هي كلمة حق يراد بها باطل . فالمجلس سيد نفسه في سن قوانين لمصلحة الناس وليس ضدهم خلافا للسلطة المعطاة له . هذه السلطة ممنوحة له لوقت معين ولمهام معينة. اما حجة الوضع الامني فهي غير صحيحة وغير واقعية . ويمكن القول انها من صنع اطراف سياسية تستطيع ان تفتعل مشاكل امنية لتعود وتتذرع بها.

والفجيعة الثانية هي في تعطيل المجلس الدستوري ومنعه من ممارسة دوره بمراقبة دستورية القوانين . اذ كان بامكانه الطعن بقانون التمديد . والمعيب ان يرضخ بعض اعضائه للضغط السياسي .

وماذا عن تعثر تشكيل الحكومة ؟

الحكومة اليوم في وضع تصريف الاعمال وللاسف فان كثيرا من الوزراء يخالفون قواعد تصريف الاعمال . ولدينا رئيس مكلف نال نسبة تأييد كبيرة ، وقد أنيط به وبرئيس الجمهورية اعلان تشكيل الحكومة ولكن القوى السياسية تمنعهما من تشكيل الحكومة الا اذا كانت خاضعة لاهواء الزعماء السياسيين.

في الماضي ارتكب خطأ جسيم من بعض رؤساء الحكومات بان قبلوا بطلب القوى السياسية ان تسمي وزراءها والوزارات التي يريدونها . وهي طريقة فاسدة جرى تكريسها . ويضاف الى هذا فجيعة ثالثة تتمثل في سفاهة وحقارة المستوى الطائفي للمكونات السياسية . فالاحزاب المسيطرة في طوائفها تحتكر بصلافة تمثيل الطائفة كلها . وممنوع على احد ان يتكلم او يعترض . وعلى سبيل المثال الطائفة اللبنانية الاسلامية الشيعية هناك مصادرة كاملة لها ولحقوقها من قبل الثنائية الحزبية المتمثلة بالزعيم العظيم والحزب العظيم . فلا يسمى وزير او موظف الا بموافقتهما.

والمشكلة ان الجهات المعتبرة أخرى ، تنهر اذا اراد أحد ان يعطي رأيا في مرشح شيعي آخر من غير المحسوب على الثنائية الحزبية . وهذا ينطبق أيضا على الطائفة اللبنانية الاسلامية السنية التي يحتكر تمثيلها تيار المستقبل . الطائفة ليست حزبا والحزب لا يختصر الطائفة . والاجتماع السياسي اللبناني مكون من الطوائف اللبنانية ، كل طائفة كوحدة كلية معنوية ، وليس من الاحزاب السياسية .

وهل الثنائية الحزبية الشيعية هي التي تعرقل تشكيل الحكومة بالاصرار على تمثيلها ، وهو مايرفضه الآخرون بسبب مشاركة حزب الله في الحرب السورية ؟

لا أعول كثيرا هذا الموقف أو ذاك . ولكن اتفهم قول البعض ان الحكومة يجب ان تضم اولا تضم هذا الحزب او ذاك . ولكن من جهة ثانية اذا نظرنا الى موازين العمل السياسي لا يمكن اقصاء او استثناء اي جهة سياسية. لان هذا لا يستقيم ابدا . المشكلة ان هناك معيارين يطبقان على قضية واحدة . فمن جهة هناك ما يسمى بقوى 14 اذار تطبق معيار السياسة الخارجية ، اذا صح التعبير ، اي الموضوع السوري . ومن الجهة الثانية هناك ما يسمى فريق 8 أذار يطبق معيار السياسة الداخلية ، حيث لايمكن اقصاء أحد . لهذا فان كل جهة محقة من ناحية معيارها . وتعثر الحكومة يكمن في عدم امكانية التقاء المعيارين . والحوار الذي يمكن ان ينشأ يجب ان يعالج هذه العقدة ، اي توحيد معايرر المشاركة .

انا اؤيد منحى الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية لتشكيل حكومة من غير الحزبيين . ولا اقول حياديين ، بل مستقلون لا ينتمون الى اي خلفية حزبية ، ولكن لهم رأيهم السياسي .

ماذا عن الحوار ودعوة السيد حسن نصرالله للانفتاح والتحاور مع الجميع ؟

الدعوة للحوار مرحب بها دائما ويجب ان نتعامل معها بايجابية ولكن للحوار قواعد اهمها الوضوح في جدول الاعمال . وعندما يقال حوار من دون شروط مسبقة فهذا بذاته شرط مسبق . كما ان الحوار يكون بين اطراف مختلفين ، وينبغي ان يشارك الجميع والا فانه سيكون مبتورا.

مشكلة الحوار في لبنان تذكرني بقصة الراعي الذي مازح اهل قريته مرات عدة بالصراخ مستغيثا من هجوم وهمي للذئب على نعاجه وكلما كان الاهالي يهبون لنجدته كانوا يكتشفون خدعته . وحين هاجم الذهب القطيع حقيقة ونادى مستغيثا لم يلب احد النداء لعلمهم انه كذاب .

ومن يمثل دور الراعي الكذوب الذي لم يعد يصدقه أحد؟

لندع الحكاية تتكلم عن نفسها .

-المعروف ان فريق 14 اذار هو الذي يخشى من تلبية الدعوة للحوار مع حزب الله بعد أن “أكل الضرب” منه مرتين، الاولى حين فجر حرب تموز بين جلستي حوار، والثانية عندما اسقط اعلان بعبدا الصادر ايضا عن هيئة الحوار.

بالنسبة لمشاركة حزب الله عسكريا في سوريا سبق لي ان رفضته ودعوت الحزب للانسحاب ، لان هذا التورط لا يخدم مصلحة لبنان واللبنانيين والطائفة الشيعية خصوصا . ولاننا في شهر رمضان المبارك، وهو من الاشهر الحرم ، اجدد الدعوة . يجب على من يأبه للدين ، او يدعي انه متدين ان يمتنع عن القتال.

اما الحوار فاعتقد انه يجب ان يكون مؤسسة دائمة تناقش كل شؤون السياسة والمجتمع والناس بغض النظر عن الظروف.

وماذا عن الوضع الامني المتفجر والناجم عن هذا التورط العسكري ؟

نامل ان يتوقف مسلسل الاستهداف الامني . واكرر ان لا ذنب للناس في ما يرتكب السفهاء بينهم . وليس من حق أحد ان يقصف او يفجر في اي منطقة انتقاما من جهة سياسية تشارك في القتال في سوريا . لا ذنب للناس في سلوط طرف متغلب عليهم ولا يستجيب لمطالباتهم . المشاركة العسكرية في سوريا لا تبرر لاي جهة لبنانية او سورية ان تستهدف المدنيين في اي منطقة تحت ذريعة انها منطقة للحزب الفلاني . المناطق ملك لاهلها وليست لهذا الحزب او ذاك .

وماذا تقول حزب الله الذي يعتقد البعض ان سلوكه هو الذي أدى الى هذا الوضع؟

لقد دعوتهم علانية لوقف التورط والانسحاب من سوريا . ولا اعتقد ان المبررات التي تعطى للتدخل صحيحة كالقول مثلا ان الحزب في موقع دفاعي وانه يحمي ظهره . هذا غير صحيح . واقول لمن يبحث عن الحوار ويدعو له ان يؤمن اولا جبهته الداخلية ويحاور داخلها ، ليكون لدينا رؤية موحدة على الاقل داخل الجماعة التي ينتمي اليها.

لا يوجد اي جهة حزبية تختصر الشيعة وقرارهم . وهذا ينطبق على جميع الطوائف . لذا على من يبحث عن الحوار مع ممثلي الطوائف الاخرى الاولى ان يبدأ مع الاقرب ، مع كل الذي يمتلكون رؤية في المصلحة العامة وفي المصلحة الاقل عمومية ، اي مصلحة الطائفة الشيعية . فلا أحد أدرى من أحد في شؤونها ومصالحها .

السابق
عدنان منصور: لبنانيون لعبوا دوراً سلبياً لوضع حزب الله على لائحة الارهاب
التالي
حزب الله: قرار الاتحاد الاوروبي عدواني ظالم وفيه انصياع لاملاءات البيت الابيض