المفتاح بيد نتنياهو

بنيامين نتنياهو أراد دوما مسيرة. ليس بالضرورة مسيرة سياسية، ولكن مسيرة. نوع من المفاوضات كهذا يحرره من الضغط الامريكي، يلبي مطالب شركائه في الائتلاف، يضع في الظل المطالب الاوروبية من اسرائيل، وكذا يحظى بعطف عام في وسائل الاعلام المحلية والدولية التي وقفت أمس كرجل واحد لتمجد استئناف المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين.
لقد حصل نتنياهو أمس على مسيرة من دون اي شيء سياسي على البدء: لا مفاوضات على اساس حدود 67 مع تبادل للاراضي، كما طلب الفلسطينيون، لا تجميد للمستوطنات، لا يوجد اي موضوع ايديولوجي ثقيل الوزن آخر. بالطبع، ليس حق العودة أو تقسيم القدس. يوجد تحرير سجناء، ولكن لا يوجد تقريبا اي رئيس وزراء لم يحرر سجناء، بمن فيهم اسحاق شامير، ممن قالوا عنه انه لا يوجد على يمينه سوى الحائط (شمير كان وزير الخارجية في الحكومة التي حررت اكثر من الف سجين في صفقة جبريل في ايار/مايو 1985. من هدد بالاستقالة بسبب الصفقة من منصب السفير في الامم المتحدة كان بنيامين نتنياهو).
تحرير السجناء سيكون في بداية المفاوضات التي تبدأ في واشنطن. يمكن أن نرى في هذا نوعا من الصفقة بحد ذاتها. مخربون قدامى سيذهبون الى البيت والفلسطينيون لن يحرجوا اسرائيل في الامم المتحدة بخطوات احادية الجانب. مهما يكن من أمر، فانه على تحرير السجناء لا يحل احد حكومة، بل فقط يبتلع الريق.
متى ستأتي الازمات الحقيقية؟ عندما يبدأون بالحديث عن خطوات عملية على الارض، مثل تجميد المستوطنات. نفتالي بينيت سيبقى في الحكومة عندما سيذهب السجناء الى البيت، ولكن اوري ارييل، وليس هو فقط، سيثير الجلبة عندما سيتوقف البناء في المستوطنات. هذا سيكون العائق الاول الذي يتعين على نتنياهو أن يجتازه داخل ائتلافه، وهو سيدير معارك عسيرة داخل الليكود، وليس مؤكدا اذا كان سيخرج منها بسلام. ربما كل الوضع الائتلافي سيبدأ في حينه بالتفكك.
نتنياهو أصدر أمس بيانا وفيه قول استثنائي، فقد أعلن ان امام ناظريه يوجد هدفان مركزيان: منع دولة ثنائية القومية بين البحر والنقب تعرض للخطر مستقبل الدولة اليهودية، ومنع دولة ارهاب براية ايران. يدور الحديث عن تحول فكري غير بسيط. لقد كتب نتنياهو كتبا كاملة هزء فيها بالقصة الديمغرافية، وهو الان يتبناها بكلتي يديه ويفهم بان دولة فلسطينية حيوية لمستقبل اسرائيل، شريطة الا تكون دولة ارهاب. من كان يصدق؟
هل نتنياهو تبنى فقط الاعتراف أم ايضا الفعل؟ هذا هو السؤال الاساس الذي على كل مواطن في دولة اسرائيل أن يسأله لنفسه. كل واحد يفهم ان دولة فلسطينية تستوجب اخلاء عشرات الاف المستوطنين، تقسيم القدس وانسحابا الى حدود 67 مع تبادل للاراضي. لا يوجد ابتكار آخر، على ما يبدو. فهل نتنياهو مستعد لمثل هذه الخطوة التاريخية؟ هل سيطرح في نهاية الطريق التسوية الدائمة على الاستفتاء الشعبي؟
نحن لسنا هناك، نحن بعيدون عن هناك، وربما لن نصل الى هناك. في هذه الاثناء توجد مسيرة، وفيها ايضا، كما هو معروف، لا يزال لا يوجد أي شيء سياسي.

السابق
من دون مهر مكتوب
التالي
فرصة حياة نتنياهو