مخاوف أميركية من عودة الهيمنة السورية إلى لبنان

يأخذ كثيرون على الولايات المتحدة الأميركية «موقفها الضعيف» المتمثل في كونها مرتبكة ومنقسمة وعاجزة عن اتخاذ قرار حاسم بتسليح المعارضة السورية. في حقيقة ما يدور في أروقة الإدارة الأميركية، بحسب أوساط ديبلوماسية متابعة، المسألة ليست بهذه السذاجة لناحية أن يتحدث مثلا باراك أوباما في خطابه في برلين عن «نزع السلاح من جانب واحد في سوريا» ليتم ذلك فوراً. فلغاية اليوم لا يأمل الأميركيون كثيرا بـ«جنيف2». في رأيهم أن «معركة القصير كانت كفيلة بتغيير قواعد اللعبة، وقابلها انقسام المجموعات المسلحة على الأرض، سواء التابعة للجيش الحر أو غيره». صحيح ان الولايات المتحدة دعت الى اجتماع أصدقاء سوريا في قطر بهدف وضع برنامج واضح يشمل المساعدات وتدريب «الثوار»، أي السير بخطي السلاح والمال بشكل متواز، لكن يبدو ان نية الإدارة الأميركية تسير فعلياً عكس ذلك.
في الوقت عينه، لم تفقد أميركا حرصها على «وجوب وقف الاقتتال السوري». ليس لأنها «قديسة»، ولكن لخوفها على بعض دول الجوار، وهي بالتدرج الأردن ثم العراق فلبنان. كلما رأى كبار المسؤولين الأميركيين المزيد من الانقسامات الطائفية والتطرف لدى المعارضة السورية، كلما تريثوا في إعطاء موافقتهم على قرار التدخل العسكري. يقول أحد المسؤولين في الإدارة الأميركية: «موقفنا اللامبالي، على ما يصفه البعض، ليس ضعفاً، فالجميع يعلم أننا عندما نتدخل نحسم، وحتى الآن نحن لم نتدخل عسكرياً بعــد، كل شيء مرتبط بما سنقرره».
يقول البيت الأبيض منذ يومين إن «الإدارة الأميركية تتواصل يومياً مع المعارضة السورية لسد احتياجاتها»، لكنه يدرك تماما ان فوز أي فريق في المعارضة على الآخر أمر ضبابي، وبالتالي مقلق حيال من سيمثل هذه المعارضة مثلا في «جنيف2». مسؤولون أميركيون كبار يعترفون أن «بشار الأسد لديه اليد الأقوى في سوريا في الوقت الحاضر»، وبدأ عدد منهم يفكر بأن «الثوار» سينحصر وجودهم في بقع معينة وخصوصاً الشمال. وبمعنى أوضح، النظام السوري يسيطر على المناطق الأكثر حيوية أي الشام وغرب العاصي»، بينما يعتبر بعضهم أن «هذا مجرد انتصار موقت للنظام». وهل المسألة متجهة الى مناطق حكم ذاتي؟ تجيب الأوساط الديبلوماسية: «بل حكم عصابات، لا سيما ان أميركا إذا قررت التدخل عسكرياً، ستفعل ذلك عبر الأردن لا تركيا حيث تحكم العصابات».
باريس قد تشهد في نهاية الشهر الجاري زيارة بروتوكولية أولى لأحمد عاصي الجربا، الرئيس الجديد للائتلاف السوري المعارض. لكن من وصف فوزه بهذا المنصب بـ«الانتصار السعودي على القطري» لم يزر بلاد العم سام بعد. الأصداء الأميركية عن الرجل ليست مشجعة على ما يبدو. في أروقة الإدارة الأميركية لا يتردد البعض في وصفه بـ«الجلف» وبأنه لا يشكل الحل للأزمة. فالأميركيون «من دون شك لا يريدون بشار الأسد، ولكنهم مسكونون بالشبح العراقي، ويحرصون بالتالي على ضمان الانتقال السلمي في سوريا والحفاظ على الجيش والإدارة…». الصراع السعودي القطري داخل الائتلاف تنطلق منه أميركا، كجزء من كل، لأن «المعارضة السورية ليست موحدة سياسياً في الخارج، ومنقسمة عسكرياً أيضاً في الداخل» وهذا ما يقلل من أمل الإدارة الأميركـــية في نجــاح المعارضة.
في اجتماعات المسؤولين الأميركيين، الذين يمثلون مطبخ القرارات قبل إعلانها رسمياً على لسان أوباما، حديث عن ان «العدد الأكبر من السلاح والمسلحين يعبرون الى سوريا من تركيا، لأن الأردن ليس لاعباً أساسياً في هذا المضمار، فالولايات المتحدة صديقة الملك وهي حذرة حيال انغماسه في الرمال السورية». وحديث آخر عن ان «لبنان عائد تدريجياً تحت الهيمنة السورية».  

السابق
مايا دياب دوبت عيون الكل
التالي
حزب الله لن يتراجع عن تشدده