ويستشهد المصدر بتطورات السنوات التي تلت تلك الحادثة للتأكيد على صحة المعلومات الواردة في متن التقرير، فالأحداث والحروب والعمليات العسكرية التي انطلقت من أفغانستان، ولم تتوقف عند حدود العراق، بل طاولت معظم الدول الاسلامية الممتدة من اليمن إلى السودان، فليبيا وتونس ومصر ومؤخراً سورياً، وهي حصدت بمجملها ما لا يقل عن ثلاثة ملايين مسلم، كما قلبت الأنظمة لمصلحة الاسلام السياسي والحركات المتطرفة بهدف تغذيتها وتقويتها لتكون جاهزة لحروب استنزاف، ومن ثم تصفيتها على أرض اسلامية وبسلاح اسلامي وتمويل نفطي عربي، وهذا ما بدأت ملامحه تلوح في الأفق من خلال محاصرة الاسلام السياسي في تركيا ومصر وسوريا، بحيث لم يستبعد أن يكتمل الطوق في القريب العاجل من خلال حركات وتحولات مماثلة في دول الخليج العربي، انطلاقاً من البحرين والكويت مروراً ب السعودية أي في الدول التي تضم خليطاً سنياً شيعياً.
هذا الكلام بحسب المصدر ليس للتذكير، انما للتأكيد بأن ما يحصل على الأراضي السورية يصب مباشرة في هذا الاطار، فنظرة متمعنة وواقعية تقود إلى الاعتراف بأن واشنطن نجحت في خلق أرضية صالحة في بلاد الشام لاستقطاب الحركات الأصولية والتكفيرية، بما فيها تلك التي تتمركز على حدود القارة الاوروبية، واستدراجها إلى حروب تصفية واستنزاف على الأراضي السورية، أي على أرض معروفة بأنها أرض اسلامية وبسلاح جيش مسلم وتمويل عربي وخليجي، وهذا ما يفسر سير معارك الكر والفر في سوريا، كما يكشف نوايا الغرب الكامنة وراء اغداق الوعود على المعارضة السورية بتسليحها ومدها بأسلحة كاسرة للتوازن، من دون تحقيقها لا من قريب ولا من بعيد، والاكتفاء بما هو ضروري لاستنزافها وتصفيتها في معارك غير متكافئة.
ويخلص في الختام إلى الاعتبار أن عمليات التصفية الجماعية التي حصلت في القصير، وتستمر راهناً في حمص وريف دمشق، ما كانت لتحصل لولا ضوء أخضر اقليمي ودولي سمح للجيش السوري باستخدام الاسلحة المتاحة، بما فيها سلاح الجو والمدفعية والصواريخ الثقيلة وتحويل معاقل المنظمات السلفية والتكفيرية إلى أرض محروقة، وبالتالي فإن ما تتداوله وسائل اعلام غربية حول أعداد للقتلى، وهي بعشرات الالاف، منسوبة إلى منظمات أممية وانسانية هي صحيحة للغاية وغير مبالغ فيها.