الطريق الصحيح لكيري

إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن إبداء ثقته بأنه يسير على الطريق الصحيح نحو معاودة المفاوضات المباشرة اقترن بتأكيده على عدم نصيحة أي إنسان بالاستسلام للرغبة بالمطلق، إضافة إلى الحاجة لصياغات لا بدّ من الإعداد لها وكأنه ينبه إلى الحد من التفاؤل بقرب استئناف المحادثات بين الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، وهذا طبيعي بعد تجارب متعددة وشروط مرفوضة أوقفت المفاوضات وما زالت موجودة.
غير أن جولة كيري الحالية، وهي السادسة منذ توليه مهماته، اتسمت باتساع المحادثات، وعلى الأخص مع لجنة المبادرة العربية التي أيّدت جهوده بانتظار ما يمكن أن يحقق من تقدّم على طريق تنفيذها، وهو يعرف أن المعنيين مباشرة بتحريك العملية السلمية يرون أن نجاح السياسة الأميركية رهن بممارسة ضغط على إسرائيل لإلزامها بقبول الشروط الفلسطينية، أي وقف بناء البؤر الاستيطانية والإقرار بقيام دولة فلسطينية حرة ومستقلة عاصمتها القدس، تمهيداً لدفع العملية السلمية إلى الأمام بالتأكيد على الانسحاب من الأراضي المحتلة في العام سبعة وستين.
ولا يكفي تلويح كيري لإسرائيل باعتراف اثنتي وعشرين دولة عربية وخمس وثلاثين دولة إسلامية، إذا التزمت بالسلام، إذ أنها تعرف ذلك وتتجاهله مستندة إلى دعم مَن يستخدمون حق النقض لإسقاط أي مشروع قرار يدينها، ويفرض عليها تطبيق مبادئ الأمم المتحدة ومجلس الأمن، الأمر الذي يوجب مواجهتها بما يسري على دول وشعوب ولا أحد يذكر أن سلطة الاحتلال تعرّضت لما يفرض عليها وقف ممارساتها ضد الشعب الفلسطيني وهي متعارضة مع شرعة حقوق الإنسان وأي قانون معمول به على الصعيد العالمي.
والذي يمنع الذهاب بعيداً في التفاؤل أن وزير الخارجية الأميركي دعا إلى ذلك، وقد بات على علم كامل بأن كل جولة له في المنطقة تقابلها إسرائيل بوضع حواجز عالية في طريق نجاحها، وذلك باستحداث البؤر الاستيطانية في الضفة وغزة والقدس بصورة خاصة، وجديدها بالتزامن مع الجولة السادسة، الاستيلاء على ثمانية آلاف دونم في النقب وتهجير سكانه العرب كما فعلت وتفعل منذ العام ثمانية وأربعين.
هذه الوقائع تفرض انتظار ما سيُقدم عليه وزير الخارجية الأميركي لجعل إسرائيل تلتزم بالمبادرة العربية وخارطة اللجنة الرباعية وحل الدولتين.

السابق
14 آذار مذعورة: انكشفنا!
التالي
كآبة بعض متصفحي فايسبوك