هذا هو ثمن الحكم العسكري الاسرائيلي

‘لو كانت بتسيلم نزيهة لكان يتعين عليها أن تنشر الشريط مع الاقوال الخلفية … الطفل الموقوف هو حالة شاذة’ (بن درور يميني، ‘معاريف’، 12/7/2013). يميني محق بالتأكيد، طفل ابن خمس سنوات، يصرخ بهستيريا، يوقفه جنود مسلحون، بعد أن رشق حجرا. ويسير به الجنود هو وأبوه، مكبلا معصوب العينين، في شوارع مركز الخليل، وينقلونهما الى الشرطة الفلسطينية، أغلب الظن في اطار اجراء معالجة القاصرين الذين يرشقون الحجارة، ولكنهم غير قابلين للعقاب بسبب عمرهم الصغير.
صحيح، كهذا لم يحث عندنا حتى الان، ولكن هاكم ما حدث حقا ووثق بالفيديو في السنة الاخيرة. كل الاحداث وقعت وسط الخليل، معظمها في ذات المكان او على مسافة دقائق سير قليلة من المناطق التي اوقف فيها وديع مسودة، ابن الخامسة وتسعة اشهر، وأبوه كرم.
في اذار/مارس اعتقل جنود مجموعة من 27 طفلا بجوار التفافة 160 في وسط الخليل، على مسافة نحو دقيقتي سير عن المكان الذي اوقف فيه وديع. هم ايضا كانوا مشبوهين برشق الحجارة. وقد وثق هذا الاعتقال بالفيديو. صحيح أنه لم يكن هناك ابناء خمس سنوات، ولكن الناطق بلسان فرقة المناطق أكد بان 14 منهم على الاقل كانوا تحت سن المسؤولية الجنائية، أصغرهم ابن ثمانية. عشرون من الاطفال نقلوا الى السلطة الفلسطينية والسبعة المتبقون حقق معهم في شرطة الخليل.
قوات الامن أقامت جدارا قسم شارعا يمر في حي السلايمة ويؤدي الى الحرم الابراهيمي (نحو نصف دقيقة سير من مكان ايقاف الطفل في البداية): جانب لليهود وجانب للعرب. ومنذ نشر توثيق الفيديو يسمح شرطة حرس الحدود المرابطين في الحاجز للمشاة الفلسطينيين بالعبور على جانبي الطريق.
جنود اعتقلوا شابا فلسطينيا بدعوى انه تواقح مع احدهم. واحتجز الشاب في المعتقل على مدى شهر تقريبا، ولم يفرج عنه الا قاض عسكري شاهد فيلمي فيديو يثبتان بانه لم يكن اي سبب لاعتقاله. قبل بضعة اشهر قيل لنا من دائرة التحقيقات في الشرطة بانه سيقدم الى المحاكمة الانضباطية شرطي من حرس الحدود وثق وهو يركل طفلا من سكان تلك المنطقة قليلة العدد في الخليل حول الحرم الابراهيمي بعد أن شتمه الاولاد من الحي واستفزوه . شرطي آخر من حرس الحدود ادين بالاعتداء على طفل ابن 13 في الخليل، حكم لـ75 يوم حبس يقضيها في اعمال الخدمة.
في كانون الاول/ديسمبر اعتدى جنود على مصورين من وكالة ‘رويترز′ في الخليل، جردوهم من ملابسهم والقوا نحوهم قنابل غاز. ويتبين من المنشورات ان الجنود ‘اتهموا’ المصورين بالانتماء الى منظمة ‘بتسيلم’. وفي ذات المساء ضرب جنود مصورا من ‘بتسيلم’. كل هذا حصل بعد أن اطلقت شرطية من حرس الحدود النار فقتلت شابا فلسطينيا اصطدم معها وفي يده قداحة في شكل مسدس.
إذن صحيح، كهذا بالضبط حقا لم يحدث عندنا من قبل، ولكن كان عندنا عدد لا يحصى من الحالات الاخرى من العنف، التوقيفات والاعتقالات، عدم فرض القانون على المستوطنين العنيفين وابعاد بقوة اوامر عسكرة التجار من محلاتهم القريبة من النقاط الاستيطانية في الخليل. هذا هو واقع الحياة في وسط الخليل، تبعا لسياسة الحكومة التي تطبقها قوات الامن. هدفها تخليد وجود المستوطنة اليهودية في المدينة. هذه هي الاقوال الخلفية. هذا هو ثمن الحكم العسكري ابن 46 سنة. هذا الثمن ندفعه جميعنا. وينبغي ايضا ان نعترف بالثمن الحقيقي الذي تجبيه هذه السياسة من الفلسطينيين. وبينهم وديع ابن الخامسة

السابق
صفقة “أميركا طالبان” من أفغانستان وحتى بلاد الشام
التالي
الجراح : مشاركة حزب الله في الحكومة ستعرض لبنان لعقوبات دولية