ماذا لو «بطّل» حزب الله أن يكون حكيماً؟

 الحرب الإعلامية ضد حزب الله، قد تكون غير مسبوقة في لبنان، إلا أنها، رغم قساوتها، لا تزال قاصرة عن تغيير الواقع.

الاتهامات والشتائم والتحريض وفبركة الوقائع وتحريفها، كانت، ولا تزال، ميزة لبنانية، استخدمها المنتصرون والمهزومون، كما المقبلون على الانتصار والمقبلون على الهزيمة، رغم أنه لا انتصار مطلقاً أو هزيمة مطلقة في لبنان. مع ذلك، توجد أسباب لاستراتيجيا السباب وتحريف الواقع، من قبل أعداء حزب الله وخصومه في لبنان، ومنها:

أولاً، فرار قائد المحور المعادي لحزب الله الى الخارج ترك الساحة للصف الثاني والثالث، بلا حكمة قيادة ورئاسة، وكل من هذه الشخصيات يسعى الى بناء زعامته على حساب زملائه. والافتقار الى القيادة الجامعة والأهداف الواضحة، يفضي بدوره الى اقتصار التعاطي مع الشأن العام على الشتم وتحريف الواقع.

ثانياً، يتبين يوماً بعد يوم خطأ رهانات هذا الفريق، وحصر كل المسائل، كبيرها وصغيرها، على الآتي من سوريا الذي لم يأت. فيما تتبين في المقابل صحة حسابات الفريق الآخر، أو بعبارة أدق، منعته في وجه ما يحاك ضده.

ثالثاً، تراجع قيادات هذا الفريق، والحسابات الخاطئة المؤدية الى خيبة أمل الجمهور، ساعدا جهات متطرفة، بالجملة والمفرق، على البروز أكثر وسحب الشارع باتجاهها، الأمر الذي استدعى من قيادات الفريق المعادي لحزب الله الوقوف الى يمين المتطرفين، وهو ما بدا واضحاً جداً خلال الاعتداء الاخير على الجيش في عبرا، وما تلاه من مواقف، دلّت على أن حرب التصريحات التي تشنّ على حزب الله تهدف الى استمالة الجمهور ومنع خسارته بالمطلق… وهذه الاستراتيجيا، بدورها، تتطلب حرف الواقع، وأيضاً السباب والشتائم.

رابعاً، أحد الأسباب المهمة في خلق هذا الكم الهائل من التحريف والتحريض والسباب، هو قصور اليد وخسارة الرهانات، وتحديداً بعد حصرها بالمسألة السورية بلا أي استراتيجيا بديلة، خصوصاً أن نتائج ما يجري في سوريا لا تتناسب مع تطلعات هذا الفريق وآماله. فقدان الاستراتيجيا البديلة من سوريا، يبقي لهذا الفريق، أيضاً، السباب والشتائم، لا أكثر.

خامساً، أداء حزب الله وحلفائه كان لافتاً. فلا ضير من تلقّي الشتائم، وتحريف الواقع، ما دامت المعادلة فعلاً مؤثراً مقابل قول تسمعه الأذن الأولى وتطرده الأذن الثانية. أداء الحزب وعدم انجراره إلى تبادل السباب، كانا سبباً أيضاً في زيادة منسوب الشتيمة لدى الفريق الآخر.

مع ذلك، «الى أين؟». الوضع متأزم ويزداد تأزماً، ورعونة الفريق الآخر قد تفضي الى الأسوأ، إذ لم يعد يكفي القول إن من يريد الحرب والفتنة لا يقوى عليها، يقابله طرف آخر قادر عليها ولا يريدها. هل يقتصر الاحتقان والتأزم على الاستفزازات السياسية والاعلامية، وأحياناً الميدانية، أم تتجه الأمور نحو الأسوأ؟ الغطاء الذي وفرته مواقف بعض القادة المعادين لحزب الله لمتفجرة بئر العبد، بمنحها العذر بنحو مباشر وغير مباشر، يشير الى أن البعض يرضى بأي سيناريو للبنان، حتى وإن كان احتراباً داخلياً. ماذا لو تكررت مثل هذه الاعتداءات، سواء في الضاحية أو غيرها؟ هل يمكن أحداً أن يضمن أن يبقى الفريق المستهدف حكيماً وقادراً على ضبط جمهوره على طول الخط؟

 

السابق
صناعة الخرافة
التالي
عدوى المخالفات تتمدد ومخيم البرج صار ابراجا