اللواء: سليمان يدق جرس الإنذار ويطالب بتسهيل التأليف

ضاعف الانفجار الذي استهدف سيارة قيل أنها "لحزب الله" قرب مجدل عنجر، على الطريق الدولية التي تربط شتورة بالمصنع، مما وصفه الرئيس ميشال سليمان "الإنذار المقلق"، في وقت تتهاوى فيه مؤسسات الدولة الواحدة تلو الأخرى، في ظل عجز الطبقة السياسية عن إدارة خلافاتها، على نحو لا تتعطل فيه المؤسسات، كما هو حاصل الآن، سواء في ما يتعلق بتعطيل السلطة الاجرائية، ومنع قيام حكومة جديدة، أو شلّ السلطة الاشتراعية التي أصبح من المتعذر عليها أن تجتمع، فيما ينخرط رئيس المجلس النيابي نبيه بري في صدام مباشر مع السلطة الاجرائية، وقد يكون غيابه عن الإفطار الرئاسي الذي أقامه الرئيس سليمان، غروب أمس، لمناسبة شهر رمضان، مؤشراً على ما بلغته العلاقات الرئاسية، من دون أن تلفح مشاورات الحلفاء في التفاهم على ما يمكن القيام به للخروج من المأزق، فيما ذهبت كتلة المستقبل النيابية إلى الدعوة لتشكيل حكومة من غير الحزبيين، تعطي الأولية لمتابعة مصالح الناس التي تتعثر يوماً بعد يوم، لا سيما على صعيد الخدمات والكهرباء، وصفتها الكتلة بأنها حكومة "مسالمين لا مقاتلين".

وفيما كانت الأنظار تتجه إلى تسقّط ما إذا كان اللقاء عُقد فعلاً بين الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله والنائب العماد ميشال عون وماذا دار فيه، وماذا يترتب عليه لجهة منع انهيار العلاقة بين الأطراف المكوّنة لـ 8 آذار، عزّز انفجار عبوة المصنع المخاوف من أن تكون تداعيات اشتراك حزب الله في الحرب السورية، قد تحوّلت إلى حرب معلنة عليه في لبنان، سواء في السيارات المفخخة، أو العبوات الناسفة، أو ربما القنابل والاغتيالات.

والخطير في الموضوع، أن انفجار المصنع الذي أدى إلى إصابة 3 أشخاص بجروح قد يكون أحدهم توفي متأثراً بجروحه، يأتي بعد أقل من عشرة أيام من انفجار عبوتين ناسفتين في منطقة الهرمل في 7 تموز الجاري، أصابت إحداها سيارة تابعة للجيش اللبناني، وسبقتها عبوتان أخريان في 28 حزيران على الطريق العام في مدينة زحلة استهدفت أيضاً موكباً أمنياً تردد أنه لعناصر تابعة لحزب الله. وانفجرت عبوة في العاشر من حزيران في منطقة تعنايل في موكب للحزب كان متوجهاً إلى سوريا، مع إشارة إلى السيارة التي انفجرت في بئر العبد في الأول من هذا الشهر.

على أن الأخطر ما كشفته مصادر أمنية لـ "اللواء" من أن مناطق سيطرة "حزب الله" في الضاحية والجنوب والبقاع تمكنت جهات مناوئة للحزب من زرع عشرات القنابل والعبوات فيها، لكن الأجهزة الأمنية نجحت في تفكيكها، خلال الأسبوعين الماضيين، من بينها، عبوة كانت موضوعة عند مدخل حارة حريك قرب حلويات "كريمنو"، وأخرى قرب مجمع القائم، وفي مناطق بنت جبيل والنبطية وبعلبك، مشيرة إلى أن هذه العبوات كانت صغيرة الحجم، وربما كان القصد من زرعها توتير الوضع الأمني وخلق حالة من الارباك في هذه الأماكن.

سليمان يدق
"جرس الإنذار"
ولاحظت مصادر سياسية، أنه لهذا السبب دق الرئيس سليمان "جرس الإنذار المقلق"، في خطابه في الإفطار الرئاسي، واضعاً كل صاحب موقع وقرار أمام مسؤولياته وواجباته الوطنية صوناً لمستقبل البلاد ووحدتها، مكرراً دعوته إلى جميع الأطراف للعودة والالتزام فعلاً وقولاً "بإعلان بعبدا"، مشدداً على أن يعود كل واحد منا إلى نفسه لمناسبة هذا الشهر الفضيل للقيام بمراجعة نقدية موضوعية لكل ما تسبب به عن قصد أو غير قصد، من تشرذم وتأزم ومخاطر احتراب، قبل أن يأتي وقت لا يفيد فيه الندم.

وإذا كانت الآمال التي علقها كثيرون على احتمال عقد لقاءات بين الرؤساء والقادة، على هامش الإفطار الرئاسي، قد تبخرت، بفعل الغياب الفاقع لمعظم القيادات السياسية، وفي مقدمهم الرئيس برّي الذي غاب بعذر مسبق، إلى جانب الرئيسين عمر كرامي وسليم الحص والنواب عون ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية، وسمير جعجع، فان الخطاب المتزن والمتوازن للرئيس سليمان، قد غطى على هذه الثغرة، من خلال التعبير عن القلق من الوضع الأمني والتطورات المتصلة به، واستمرار الفراغ والمراوحة، في حال استمر تعطيل تشكيل الحكومة، مشدداً على ضرورة الاسراع في عملية تأليف الحكومة، وتسهيل مهمة الرئيس المكلف وعدم رفع سقوف المطالب في وجهه، مؤكداً ان الفراغ لن يكون ابداً في مصلحة الوطن، ولن يكون تالياً البديل من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، على ان عامل الوقت أصبح داهماً وضاغطاً على هذه المصلحة.

وإذ أمل سليمان بأن يدعو في الأيام المقبلة إلى استئناف اجتماعات هيئة الحوار الوطني، لإعادة تأكيد الالتزام بثوابت "اعلان بعبدا"، واستكمال البحث في وضع استراتيجية وطنية شاملة لحماية لبنان والدفاع عنه، أعلن انه سيطرح للنقاش قريباً اقتراحاً لتوضيح بعض مواد الدستور، على قاعدة توزيع المسؤوليات وليس على قاعدة تنازع الصلاحيات، داعياً مجلس النواب للخروج بقانون جديد للانتخابات، وإعادة النظر بقانون انشاء المجلس الدستوري بحيث تتأمن له الاستقلالية التامة بعيداً عن نفوذ السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتتأمن لأعضائه كامل الحرية في ممارسة مهامهم بعيداً عن اي تأثير سياسي.

الجلسة إلى تأجيل ثالث
وجاءت إشارة الرئيس سليمان إلى اقتراحه في شأن توضيح بعض مواد الدستور، في سياق "صدام الصلاحيات" الذي عطّل للمرة الثانية، نصاب الجلسة التشريعية في موعده الثاني أمس، مما حمل الرئيس بري إلى تحديد موعد ثالث وجديد ابتداء من 29 تموز الحالي، ولمدة ثلاثة أيام، لدرس جدول الأعمال المتضمن 45 بنداً، مما يعني بقاء الحال على ما هو عليه، من استمرار الخلافات السياسية والدستورية، سواء على خلفية دستورية الجلسة، في ظل حكومة تصريف الاعمال، او البنود المطروحة على جدول الاعمال، وتحديداً البند المتعلق بالتمديد للقادة الأمنيين، وفي مقدمهم قائد الجيش العماد جان قهوجي، قبل أن يحال الى التقاعد في ايلول المقبل، ما يبشر بالمزيد من الصولات والجولات بين فريقي الصدام، إلا اذا وصلت الاتصالات إلى حل يرضي جميع الأطراف، وهو ما ليس محققاً حتى الساعة.

على أن معلومات توقعت أن يكون مصير الجلسة الثالثة مختلفاً نوعاً ما عن مصير الجلستين السابقتين، في حال نجحت الاتصالات باقناع عون حضور هذه الجلسة وتأمين النصاب لها، ولا سيما اذا ما تأكدت المعلومات عن لقاء عون بنصر الله، سواء عُقد هذا اللقاء مساء أمس الأوّل، أو انه سيعقد في خلال الساعات أو الايام المقبلة.

ولوحظ، في هذا السياق، أن أي بيان لم يصدر عن الحزب بتأكيد أو نفي هذا اللقاء، فيما حذا عون حذو الحزب، معلناً بأنه "اذا تمّ اللقاء مع السيّد نصرالله يكون تمّ، وإذا لم يتم فانه سيتم"، وفي كلا الحالتين، فان الثابت ان التفاهم بين الرجلين قطع شوطاً بعيداً، ولا سيما بالنسبة لمسألة قائد الجيش، حيث لفت الانتباه قول عون بأنه بإمكان الحكومة المستقيلة أن تجتمع وان تعين قائداً جديداً للجيش، متهماً كل فريق يعطل عقد هذه الجلسة لتعيين قائد للجيش بالمؤامرة.

وكانت معلومات نسبت إلى مصادر قريبة من "حزب الله" قد ذكرت بأن عون أبلغ نصر الله إصراره على رفض التمديد بالمطلق وليس فقط للعماد قهوجي، فيما استفاض نصر الله في شرح أسباب تأييد الحزب للتمديد بعدما أثبت قائد الجيش حكمة عالية في التعاطي مع الخروقات الأمنية ويقظة وحسن إدارة للمؤسسة العسكرية، ونجاحه في وأد الفتنة وآخرها في عبرا.

كتلة "المستقبل"
ومهما كان من أمر، فإن كتلة "المستقبل" التي اجتمعت أمس في إطار اجتماعاتها الاسبوعية، برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، خرجت في بيانها، بما يشبه المبادرة، إذ حصرت المشكلات التي يعاني منها لبنان بمجموعتين:

الأولى، تلك المشكلات الناجمة عن سلاح حزب الله واستعمالاته في الداخل والجوار، وهي مشكلات قديمة لا يمكن حلها من خلال التصارع داخل أي حكومة، ولكن احالتها على هيئة الحوار الوطني التي يمكن أن تستأنف عملها مع تأليف الحكومة.

والمجموعة الثانية، وهي تتعلق بقضايا المواطنين المعيشية والحياتية والانهيارات التي تعانيها مؤسسات الدولة، والتآكل الأمني وضغوط الأزمة السورية والنازحين، مشيرة إلى ان هذه المشكلات تحتاج إلى حكومة غير حزبية وتتمتع بكفاءات عالية لاعضائها.

وشددت الكتلة على ان السبيل الوحيد للخروج من المأزق يتمثل بتسهيل مهمة الرئيس المكلف تمام سلام من أجل تشكيل حكومة مسالمين لا حكومة مقاتلين، تكون مهمتها العمل على تحقيق مصالح الناس الذين أصبحوا يعانون الأمرين، ولا سيما في خدمة التيار الكهربائي.  

السابق
السفير”: لقاء عون- نصرالله بدد أجواء الأسبوعين الماضيين
التالي
الجمهورية: بريطانيا تعمل لإبقاء لبنان بعيداً عن الأزمة السورية