الشيعه في سوريا بين سندان النظام ومطرقة التكفيريين

ترجع جذور التّشيع في سوريا إلى القرن الأول الهجري. إلا أنه أخذ في الانتشار في القرن الرابع الهجري، مع سيطرة الدولة الحمدانية (الشيعية) على حلب، واستمر خلال عهد الدولة الفاطمية (الإسماعيلية)، التي حكمت مصر، ومدت سيطرتها إلى بلاد الشام خلال القرن الخامس الهجري.
ثم بدأ التشيع بالانحسار مع بداية الدولة الأيوبية بسبب محاربتها له وكذا أيام الدولة العثمانية إلى أن أصبح الشيعة الإمامية في سورية اليوم يمثلون أقلية صغيرة.

يشكل الشيعة الإثناعشريون اليوم 3% من سكان سوريا بعدد يتراوح بين 500 ألف أو 600 ألف نسمه ويتواجدون في بضعة قرى وبلدات في محافظة إدلب مثل الفوعة و کفریا وكذلك في بعض قرى حلب مثل نبل والزهراء .

أما في محافظة حمص فيتواجد الشيعة ضمن مدينة حمص بالاضافة الى حوالي 56 قرية و بلدة مثل الدلبوز، أم العمد، جنينات وغيرها. وتعد مدينة نبل أكبر تجمع للشيعة الإثنى عشرية في سورية حيث يبلغ تعداد سكانها 40 ألف نسمة كما يتواجدون في حي الأمين والجورة في دمشق القديمة الذي كان تاريخيا مكان سكن الشيعة في مدينة دمشق.

كما توجد أعداد قليلة في مناطق أخرى من سوريا مثل بصرى والرقة والساحل.

ومع اندلاع الثوره في سوريا ضد نظام الرئيس بشار الأسد وتحولها الى نزاع دموي مسلح اشبه بالحرب الأهليه،استقر رأي اعيان الشيعه السوريين وزعمائهم الدينيين والزمنيين في الوقوف على الحياد لأن ظروفهم الصعبه ووضعهم الديموغرافي لا يسمح لهم بالانخراط في معارك لا طائل منها ولا فائده ،غير ان ضغوط النظام ومخابراته عليهم من جهه والعدائيه التي واجهتهم بها فصائل الثوار من السلفيين والتكفيريين من جهة ثانيه ،أجبر الشيعه الذين خطف منهم من خطف وقتل منهم المئات على ايدي هؤلاء التكفيريين دون ذنب أو جرم فقط لاختلافهم عنهم مذهبيا أي لأنهم شيعه وحسب،اجبروا على كراهية منهم على حمل السلاح للدفاع عن قراهم وبلداتهم وانضووا تحت لواء ميليشيات اللجان الشعبيه المواليه للنظام لتبدأ بعدها سلسله من المعارك والمواجهات بينهم وبين الجيش الحر ومليشيا جبهة النصره وغيرها من الفصائل المسلحه التي تقاتل النظام السوري.

ولعل ابرز الفظائع التي حصلت ضد الشيعه السوريين هي ما حدث في الحادي عشر من شهر حزيران الفائت في قرية حطله الواقعه في ريف مدينة دير الزور شمال شرق سوريا فقد اقتحمت قوات جبهة النصره القريه ،وقال أحد سكان القرية، في اتصال مع «مركز التوثيق الإعلامي» السوري، إنّه «فجر يوم أمس الثلاثاء، تمت محاصرة المكان وبدأ الهجوم المكثف على حواجز اللجان الشعبية، وقد استمرت الاشتباكات لعدة ساعات، ولم يستطع أفراد اللجان الشعبية الصمود طويلاً لعدم قدوم المؤازرة من الجيش وانتهاء الذخيرة، ما أدى الى استشهاد عدد كبير منهم وأسر الباقي».

وتابع إنه «تم اقتحام البيوت وقتل ما تبقى من الأهالي، بينهم عدد من الأطفال والنساء، ولم يتركوا شيئاً إلا قاموا بحرقه أو قتله، حيث لم يسلم منهم حتى المواشي وتم حرق عشرات المنازل بالكامل».

ونقلت وكالة «فرانس برس» عن «المرصد السوري لحقوق الانسان» أنّه بثّ أشرطة فيديو على موقع «يوتيوب» تظهر «احتفال» مقاتلين معارضين بمقتل «60 شيعياً على الأقل في قرية حطلة».

هذه المجزره وما سبقها من مجازر في حمص وغيرها دفعت السوريين الشيعه مرغمين الى حضن النظام السوري للدفاع عن وجودهم ،وها هم اليوم في مدينتي النبل والزهراء في محافظة حلب محاصرين من قبل قوات المعارضه منذ أكثر من عام ومهددين اذا ما هزموا بمجازر ومذابح على غرار ما حصل مع اخوتهم في قرية حطله،واذا لم يتدارك الأمر عقلاء من قادة الثوره السوريه لتكف الجماعات المسلحه التكفيريه عن تهديد الشيعه السوريين بالاباده ،واذا لم يكف النظام عن استغلال تلك التهديدات لتسليح المزيد من شبابهم للقتال معه ،فان الوضع العام للشيعه في سوريا ذاهب حتما نحو الأسوء ووجودهم مهدد بالزوال كليا ،الا اذا حلت رحمة الله ووضعت الحرب في بلاد الشام أوزارها في وقت قريب.

السابق
بري: عون يعرف انني جدي
التالي
السفير”: لقاء عون- نصرالله بدد أجواء الأسبوعين الماضيين