علامات سوداء على امتداد الخارطة

" إشتدي أزمة تنفرجي ".

مقولات لم تعد تنطبق على الواقع اللبناني على الإطلاق، فالأزمة في لبنان تشتد لكنها لا تنفرج. وهذا الاستنتاج ليس تحاملاً على الأوضاع اللبنانية بل هي قراءة واقعية لِما يجري على امتداد الخارطة السياسية للبلد.

إن أي ناظرٍ لهذه الخارطة يجد فيها نقاطاً سوداء أكثر مما يجد نقاطاً بالالوان الزاهية، ما يُضفي على هذه الخارطة نفحة سوداوية لا تسمية أو توصيف لها سوى "التشاؤم" من إمكان الخروج بسهولة من هذا النفق المُظلِم.

نتطلَّع إلى هذه الخارطة فماذا نجد؟

اليوم السادس عشر من تموز، يُفتَرَض ان يكون اليوم الاول من الجلسة النيابية العامة التي كان يجب ان تمتد إلى يوم الخميس المقبل. رئيس مجلس النواب نبيه بري مصرّ على عقدها بالبنود الخمسة والاربعين التي حددها من اليوم الاول، في المقابل ترفض قوى 14 آذار وكذلك رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي المشاركة فيها وفق جدول الاعمال المثقل وتُطالب بأن يكون الجدول محصورا برفع سن التقاعد للعسكريين.

هذه نقطة سوداء اولى على امتداد الخارطة اللبنانية، اما النقطة السوداء الثانية وهي الاكثر خطورةً فتتمثَّل في ما يمكن تسميته "التفلت الوزاري" من دون ان تحكمه اي ضوابط، في هذا المجال هناك إثباتات على ان الكثير من الوزراء في حكومة تصريف الأعمال يمارسون تصريف الاعمال بالمعنى الاوسع للكلمة وكأنهم في حكومة أصيلة غير مستقيلة بما بدأ يتسبب بأعباء مالية باهظة على الخزينة يستفيد منها المحاسيب والازلام من خلال عقود أو اتفاقات يعقدونها مع جهات أو شركات في ظل غياب الرقابة أو امكانية المحاسبة .

هذه الحال يمكن ان تستمر طويلا خصوصاً ان ليس في الافق ما يُشير إلى قرب تشكيل الحكومة، وهناك أكثر من دليل على التعثر المتمادي.

ومن علامات التعثر في التشكيل ان الرئيس المكلَّف ما زال متمسكاً بحكومةٍ من غير الحزبيين، علماً ان العماد عون نعى هذا الشرط بإعلانه أنه لا يُشارك في حكومة لا يتمثَّل فيها حزب الله.

هكذا فإن الشروط والشروط المضادة تُشكِّل النقطة السوداء الثالثة على الخارطة، وتأسيساً على ذلك فإن الوضع لا يُبشِّر بالخير ويسير من سيئ إلى اسوأ، فهل يكفي أن نقول: حمى الله لبنان؟

لقد أصبح من باب "الروتين السياسي" القول إن السفينة إذا ما غرقت فإنها تغرق بالجميع، وعليه فإن تبادل الشروط إلى درجة التعجيز يُوقِع البلد في مرحلة عجز دائم لا قدرة له على الإقلاع مجدداً، فهل يُدرِك المسؤولون ماذا يفعلون؟

السابق
سوريا.. تصرف ولا تنتظر أميركا
التالي
حبيش: جاهزون للتواصل مع أي فريق يؤمن بما قاله البطريرك الراعي أمس